بقلم: كينده الجيوش
يقول الخبراء في علم التربية انك ان كنت تريد تربية صالحة لأولادك وبَنَاتِك لا تمنحهم كل ما يريدون ولا تغدق عليهم بالمال حتى يتعلموا أن المال يأتي بالعمل ومن ثم يتعلمون اخلاقيات الحياة الصحيحة وهم بهذا الطريق.
وربي الكثير منا وربما أغلبنا على ان الهدف في الحياة ليس جمع المال وإنما الاجتهاد بالعلم والعمل والسعي للحياة الكريمة وبناء العلاقات الانسانية الصالحة.
هذا كله كلام جميل جدا! ولكن البعض – في بعض من نظم بلادنا الاشتراكية السابقة – ذهب الى ابعد من هذا ! ذهب الي تشويه صورة كل من يسعى الى الثراء والمال على انه إنسان جشع! وراح البعض يمجد العمل ليل ونهار برواتب قليلة ويخشى من ان يطالب بما يستحقه خشية ان ينعت بأنه جشع!
ويقع بالنهاية هذا الشخص ضحية لشخص جشع بالحقيقة يجمع المال على ظهر الأنقياء.
وكل ما زاد عن حده انقلب ضده. ليس هناك خطأ بان يتعلم اولادنا انه من الضروري ان يعمل ومن الضروري ان يكون وارده — ربما كبير — ولكنه ملائم لكفاءته وقدراته وما يقدمه.
وايضاً ليس هناك من خطأ ان نكون قادرين ان نعمل اقل ونحصل على مردود مادي اكثر ان استطعنا – طبعا ضمن قواعد الأخلاق والقانون.
المال الكثير هو وسيلة للعيش الكريم وكذلك مساعدة الآخرين ان استطعنا وأمكننا ذلك. وهناك أمثلة كثيرة لأغنياء حول العالم قرروا التبرع بملايين ومليارات الدولارات الى قضايا إنسانية وخيرية .
ولكن المال مفسدة في مواضع اخرى ومنها مثلا ما تتناوله الصحف هذه الأيام من قصص متنوعة عن أميرات عربيات دخلن المحاكم الأوربية ورفعت ضدهن قضايا بتهم الاتجار بالأشخاص وتشغيل أناس بظروف تشابه الاستعباد وذلك خلال أسفارهم في أوربا ومن ثم شكوى قضائية تقدم بها هؤلاء الموظفين او المربيات او العاملات المنزليات.
وربما كانت العاملات المنزليات هُن منّ قمن بتربية تلك البنات الأميرات. أين الأخلاق عندما تجبر العاملة على افتراش الارض وهي ترافق أميرة في فندق فخم!
ولا ننسى انه احيانا بعض تلك العاملات والموظفين يبالغون بشكواهم. كل شيئ وارد ولكن الايذاء موجود ومثبت ورأيناه اكثر من مرة.
وهذا الامر السيئ لا يقتصر على — بعض — من العرب وحدهم. ولعل مثال بعض اغنياء أمريكا الذين ترفع ضدهم قضايا التحرش بفتيات قاصرات أكبر مثال على ان المال يمكن ان يكون مفسدة خطيرة ان لم ترافقه ضوابط الأخلاق والقانون. او رجال اعمال تقوم تجارتهم على الفساد والإفساد… ولكن بالمقابل – وبعيدا عن فخ التعميم – وفِي أمريكا أيضا هناك من يقوم بالعمل الخيري ويستثمر ثروته بذلك.
وحتى نبقى في إطار طرح المثال الفردي والابتعاد عن التعميم المجتمعي هناك أميرات عربيّات هُن أميرات بأخلاقهن بحق وهن من يرفعن راية الانسانية .. وهن ما تحتاجه بلادهن الْيَوْمَ لأنهن يملكن الموارد المالية والبشرية من اجل مجتمع وإنسانية أفضل بالدرجة الاولى لبلادهن من اجل تغيير الممارسات السيئة وتغيير الصور النمطية أيضا التي نراها تملأ الصحف في كل يوم.