بقلم : خالد بنيصغي
يحق لنا أن نتساءل منذ البداية بكثير من الدهشة والاستغراب عن هذا الذي يسمى ثقافة ، ويندرج في وزارة الثقافة المغربية ، من مثل الرقص والغناء والمسرح والسينما وغيرها بهذا الكم الهائل ؟؟ في حين أظهرت بيانات رسمية أن عدد الفقراء في المغرب يبلغ 2.8 مليون منهم 2.4 مليون في الريف و400 ألف في المدن ، وهو ما يجعل معدل الفقر يصل إلى 8.2 بالمئة على المستوى الوطني .
إن سياسة تنظيم المهرجانات الفنية بالمغرب تطرح أكثر من سؤال خاصة في ما يتعلق بالجانب القيمي والمادي والنوعي وكذا الكمي لهذه المهرجانات لا سيما أمام الانتشار الفطري والمتسارع لهذه المهرجانات الفنية ، والتي يغلب عليها جانب الرقص والموسيقي يليها المسرح والسينما ثم جانب الموروث الفني في مرتبة ثالثة وذلك بمجموعة من المدن الكبرى والصغرى والتي بات بعضها يعرف أكثر من مهرجان خلال السنة الواحدة وفي الفترة الصيفية على وجه الخصوص، بل عم الأمر حتى القرى والدواوير. هذه المهرجانات والتي يفوق عددها اليوم عدد أيام السنة ، أي بمعدل أكثر من مهرجان واحد في اليوم ، وبميزانية تبدأ من 100 مليون سنتيم بالنسبة لأصغر المهرجانات وأبسطها ؟؟؟ وتصل إلى عشرة ملايير سنتيم كما هو الشأن لمهرجان موازين وما شابهه ؟؟؟.
وتقام المهرجانات في جميع الألوان والأشكال الموسيقية المحلية والعربية والدولية ، والغريب أن المغرب لم يترك مجالا إلا وأنعم عليه بمهرجان ؟؟؟ وإن المجال يضيق هنا ولا يتسع لذكر هذه المهرجانات التي نستطيع أن نقول إنه مبالغ فيها بشكل مستفز ، وللجماعات المحلية والحضرية يد طولى فيها ، فيما المنطق يجعل ميزانية هذه الجماعات تقتصر على المنفعة العامة للساكنة التي تحتاج إلى خدمات كثيرة هي الآن وللأسف جد متردية ، مقابل تبدير المال العام في الرقص والغناء والمجون ، والذي يسمح لفئة قليلة مما يمكن تسميته تجاوزا “ فنانين “ بالإغتناء الفاحش على حساب الطبقة الهشة التي هي أولى بتلك الأموال ، فهي لا تحتاج إلى الرقص والغناء ، بقدر ما تحتاج بشكل استعجالي إلى رغيف تسد به رمق جوعها ، إنه المال العام المغربي الذي يُصْرف بكل تبذير فيما لا ينفع المواطن البسيط ، ولا يملأ بطنه الفارغة ، ونحن نطرح تساؤلات بكل إلحاح إن كانت القنوات المغربية بميزانياتها الضخمة لا تفي بغرض الرقص والغناء والمسرح والسينما …. وهي التي تعرض بكل سخاء كل هذه الأشكال يوميا دون ملل أو كلل ؟؟؟ بل وإن هناك قنوات مغربية متخصصة فقط في الطرب والغناء ؟؟؟ وهل المغاربة صراحة وبكل طبقاتهم سواء الفقيرة أو الغنية تحتاج إلى كل هذا الكم الهائل من “ اللهو” والرقص والمجون ؟؟ ثم إننا أصلا لا نعتبر كل هذه الألوان من الطرب والرقص وغيرهما من الفن ، فعن أي إبداع يتحدثون ؟؟؟ كفى من العبث ولتنظر أمة إلى غد تُسأل فيه عن كل درهم أنفق فيما لا يرضي الله عز وجل . “ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ “ ، “ ثم إن الفقير المغربي لن يسامح أي مسؤول عن هذه المهرجانات التي هي أصلا لا يمكن إدراجها في وزارة الثقافة ، بل إن الثقافة بريئة منها براءة الذئب من قميص يوسف ، الثقافة هي الإبداع في الكتاب وتنوير العقول ، وليس في “ هز “ أطراف الجسد بالرقص والموسيقى الماجنة ، الثقافة هي احترام الإنسان المغربي بتعليمه ، وتطبيبه، وإنقاذه من فقره ، وتحسين ظروف عيشه ، وتحصين كرامته ، بدل التفرج عليه هاربا من ظلم ذوي القربى من أهله المغاربة “ المسؤولين “ ويلقي بنفسه في قوارب الموت راجيا العبور إلى الضفة الأخرى ؟؟؟ نحن نشعركم للمرة الأخيرة بهذا الواقع المر ، والذي تملكون مفاتيح تغييره إلى الأحسن بالتبصر والتدبير الحسن للمال العام ، فهل ستشعرون يوماً أنكم أنتم المسؤولون عن كل هذا البؤس في وجوه الفقراء والمحتاجين في هذا الوطن الغريب ؟؟