بقلم/ أسماء أبو بكر
ماذا عن مسار الصراع الإيراني الإسرائيلى وطبيعة المواجهه القادمة بين إيران وإسرائيل ؟؟
وهل فعلا الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضرب إيران هذه المرة ؟؟
وما التدابير التى يمكن اتخاذها لمنع المواجهة بين إيران وإسرائيل أو على الأقل الحد من نطاقها؟!
وهل الصراع الإيرانى الإسرائيلى صراع دينى في الأساس أم صراع سياسي ؟؟
وهل سيؤدى إلى مواجهه عسكرية وأمنية مباشرة أم ستكون مناطق النفوذ ساحه لتلك المواجهة ؟!
يشهد عالمنا الحالي بصورةٍ عامة، ومنطقتنا العربية بصفةٍ خاصة العديد من الصراعات؛ التي تنذر باقتراب حربٍ عالمية جديدة، والتي نستنتج من إرهاصاتها أنها ستكون الأكثر خطورةً في تاريخ الإنسانية؛ إذ أن الأطراف التي تتجاذب أطراف هذه الصراعات بلا استثناء تمتلك أسلحة نووية، وبينهم العديد من التوترات، ولكن ما يهمنا حاليًا أن ساحة المعارك ستكون منطقة الشرق الأوسط، وعلى قائمة النزاع الدائر، تتربع كلٌ من إيران، وإسرائيل.
ولأن موازين القوة في العالم ليست ثابتة، فلا يمكن أن نقيس التباين بين الدول بصورة مطلقة، إلا أننا من خلال قراءة الأحداث الجارية، يمكن أن نضع تصورا لدول النزاع في المنطقة، فإسرائيل تخوض حربًا كلامية ضد إيران منذ فترةٍ طويلة، ولا يمكن أن نأخذ ذلك دليلًا على ضعفها أو على قوة إيران؛ لأن الدول عادة تجعل الحل العسكري الخيار الأخير، حتى وإن كانت تثق من عتادها وقوتها، وذلك لأن الحرب كل أطرافها خاسرون باختلاف درجات الخسارة، ومن خلال ما سبق لا يمكن أن يجزم أحدهم أن إيران أقوى من إسرائيل أو العكس.
وإذا تناولت الخلفية التي تتبناها دول النزاع؛ فلا يمكن أن ننحي الفكر الديني جانبًا؛ إذ أن فصل الدين عن السياسة يعلنه الكثير من القادة على الملأ، لكن لا غنى عن استغلال العاطفة الدينية لاستثارة عاطفة الجماهير، وشحنهم لتحقيق الأهداف السياسية، ودائمًا ما تجد الربط بين الصراع والاضطهاد الديني واضح في خطابات رموز الكيان الصهيوني؛ ففي أحد خطابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح أن إيران تسعى لإبادة اليهود منذ العصور القديمة في عهد هامان الفارسي، وكأن الرجل يلوم إيران على سياستها التي انتهجتها من قبل الميلاد..
في الحقيقة استغلال العهد القديم من قبل اليهود أو توظيف النصوص المقدسة بصورة عامة من قبل القادة ليس أمرًا غريبًا، فإذا أردت كسب عاطفة الجماهير عليك أن تضفي نوعًا من القداسة على خطاباتك، لأنه كما هو معلوم الدين أفيون الشعوب؛وقد فعلها بوش من قبل في حديثه عن احتلال العراق وقال إنها حرب صليبية جديدة، وعلى الرغم من ذلك فإننا لا نستطيع أن نؤكد أنه صراع ديني، حتى وإن ادعت كل الأطراف ذلك، إنما الدين هنا مجرد رداء لنيل القداسة، والصراع يحمل أطماعًا لنيل المزيد من الحظ في ميزان القوة في المنطقة.
وأعتقد أن إيران لا تستهدف من كل هذا الكيان الصهيوني فحسب، ولكنها كغيرها من الدول المؤثرة في المنطقة تسعى لبسط نفوذها، وهي تنظر للعرب دائمًا نظرة العدو إذ أنها تنظر إليهم نظرة عداء قديم؛ فزوال الإمبراطورية الفارسية كان على يد العرب، فإيران على الرغم من أنها دولة دينية يتحكم فيها الفقيه، لكنها ماتزال متمسكة بهويتها الفارسية، وأعيادها القديمة التي تحتفل بها، فربط الماضي والحاضر بات عقيدة واضحة للدول التي تتبنى أفكارًا دينية قومية، مثل إسرائيل وإيران، ولا ينكر عاقل مدى خطورة المد الإيراني على العرب؛ فإيران باتت ظاهرة في كل تدخل عسكري في البلدان العربية، وما سوريا عنا ببعيدة، وإن لم تكن في اليمن واضحة الملامح فدورها لمساعدة الحوثيين واضح وضوح الشمس في ضحاها، ولكن لن يحسم الجدل القائم هنا طاولة المناقشات فالدول الكبرى، تنظر إلى الوطن العربي كأنه غنيمتها، وكلٌ يدلي بدلوه في ساحات الحروب، والخاسر الوحيد هو العربي البسيط الذي يأتيه الموت من كل مكان.
أما في الجانب الآخر وهو الصراع القديم الحديث بين إسرائيل ودول العرب؛ فالأمر يظهر أحيانًا أنه حرب عقيدة، وفي أوقاتٍ أخرى يظهر في صورةِ نزاعٍ استعماري؛ فإسرائيل منذ إعلان قيامها وهي دولة علمانية،لكن هذا لا يعني أنها انسلخت عن عقيدتها، فكما ذكرنا آنفًا أن الدين أداة فعالة لاستثارة عاطفة الشعوب؛ فإن الحركة الصهيونية على يد مؤسسها استغلت الدين الاستغلال الأمثل لجذب بسطاء اليهود، فالصراع الإسرائيلي العربي إن لم تكن العقيدة تتحكم فيه؛ فإن لها دور كبير، فدخولهم فلسطين كان من خلال نصوصهم الواهية، وقتلهم للشعب الأعزل كان بدافع ديني، حتى أن العلمانيين في هذا الكيان ينظرون إلى الدين أنه سجل تاريخي، وأن موسى عليه السلام بطل قومي، وهي نظرة الملحد الإسرائيلي الذي لا يؤمن بالعقيدة لكن يؤمن بالحق في الأرض، إذًا فالعقيدة شاء من شاء وأبى من أبى تظهر في الصراع، وعلى أية حال فإن الصراعات في العالم كله تتحكم فيها الأفكار وما العقيدة إلا درجة فكرية قد يضحي صاحبها بحياته في سبيل نشرها..
وإذا دققنا النظر في الصراع الإيراني الإسرائيلي، وأردنا أن نقرأ سطور المستقبل ؛ فإن احتمالية اندلاع حروب نظامية في العصر الحالي ضعيفة جدًا، حتى وإن ظهرت بوادرها في العديد من مناطق النزاع، ولكن الظاهر أن النزاعات الحالية تصنف وفقًا لنظرية الكلب والبرغوث؛ فالجيوش النظامية يتم استنزافها من خلال الجماعات المتطرفة؛ التي يصعب القضاء عليها، مثلما يفعل البرغوث الصغير في الكلب العملاق، وإسرائيل ليست غبية لتدخل في مواجهة عسكرية مع إيران على الأقل في الوقت الحالي، لكن السيناريو الأكثر احتمالية، هو استمرار الحروب الكلامية بين الدولتين، واستخدام الضغط الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل فرض المزيد من العقوبات على إيران، ومن يدري ربما تظهر قوة جديدة تحسم الجدل وتقلب موازين القوة في العالم.
خلاصة الأمر؛ إذا لم تضرب الولايات المتحدة إيران معناه تمدد إيران في المنطقه وباب المندب والبحر الأحمر وكل المشرق العربي سيكون عرضة لحروب مذهبية وطائفية ،وإذا حاربت الولايات المتحدة إيران فهذا يعنى فتح باب جهنم في المنطقة فهناك احتمالان كلاهما خطير؛ أن تبقى إيران ذات سيادة في المنطقة، أو أن تشن أمريكا حربًا ضخمة على إيران، وفي كل الأحوال يبدو أن المنطقة مقبلة على حرب عالمية جديدة، هذه هي المؤامرة الحاقدة ..