بقلم: سليم خليل
من ولاية أميركية إلى أخرى يتبارى مرشحوا الرئاسة الأميركية بأجمل كلام الخطابة وحول كل مرشح يتجمع علماء ومفكرون وكتاب لتزويد المرشح بكلام معسول جميل وتعابير مركبة ومهيكلة ومحتوية على أعظم الأفكار والآراء السياسية والاجتماعية، وطبعا طاقم من خبراء التجميل والتصوير التلفزيوني ليظهر المرشح بأكمل وجه ولباس أمام الجمهور وكاميرات التصوير لكسب أصوات الناخبين الحزبيين في سبيل الحصول على تسمية الحزب للمرشح الذي سينافس مرشح الحزب الآخر في انتخابات رئيس الدولة التي تدير السياسة العالمية على الكرة الأرضية .
تبارى على تسمية الحزب الديموقراطي ثلاثة مرشحين وانسحب احدهم لعدم كسبه تأييد كاف في الولايات التي جرى فيها الاستفتاء ؛ بينما ينسحب مرشحوا الحزب الجمهوري الواحد بعد الآخر لعدم حصولهم على التأييد الكافي ويبقى في مقدمتهم المرشح الميلياردير الشهير دونالد ترمب .
في هذه الزاوية من العدد السابق؛ تحدثنا عن لغة التهديد والوعيد في كلمات مرشحي الحزب الجمهوري لإخافة ملايين الأمريكيين من داعش والوعود بإبادتهم حال تسلمهم كرسي الرئاسة . طبعا في الجهة المقابلة يتجنًب مرشحوا الحزب الديموقراطي التهديد والحديث عن إبادة الأعداء لأن قيادة القوات المسلحة الأميركية المنتشرة في كافة بقاع الأرض هي بأمر الرئيس باراك أوباما الديموقراطي ؛ وأي مزاودة في إستعمال القوة سترتد عليهم بشكل سلبي مع السؤال – أنتم أصحاب الأمر لماذا لا تضربوا – لذلك تنحصر دعايتهم الانتخابية في برامج تحسين ورفع مستوى معيشة الشعب الأميركي وفي الدعاية لسياسة الحزب الخارجية المسالمة ظاهريا حتى الآن .
ما يلفت الانتباه هو في تقدًم المرشح دونالد ترمب على منافسيه الجمهوريين وهو الأقل بلاغة في تركيب عباراته وكلماته والأقل خبرة سياسية لأنه لم يتسلم في مسيرته أي منصب حكومي أو إدارة سياسية؛ ويتحداه منافسوه في موضوع عدم خبرته دون أن يتراجع ويخسر في نسبة تأييد الناخبين الجمهوريين .
بعبارات معدودة وبكلمات بسيطة إكتسب دونالد ترمب حتى الآن تأييد ناخبي الحزب الجمهوري !! تصريحاته محصورة بـ : أنا ثري ولا أتبع أوامر الكتل المالية التي تمول الحملات الانتخابية للمرشحين الآخرين ولست بحاجة لأحد ولن يَطُلب مني رد الجميل لهم في المستقبل لأني ثري وثروتي عشرة بيليون دولار!! في شركاتي آلاف الموظفين وعندي القدرة لإدارة عجلات الصناعة ومعها التجارة والمال في أميركا !! الشعب الأميركي يحبني وأنا أحبه سأبيد داعش يوم أستلم الرئاسة !!
سأبني جدار على طول حدود المكسيك لأوقف دخول المكسيكيين تجار المخدرات والمجرمين ومغتصبي النساء!! أنا أحسن من جميع المرشحين والشعب يحبني و أريد أن أستعيد مجد أميركا !!
يردد هذه العبارات يوميا وعدة مرات في كل لقاء مقابل خطابات رنانة من منافسيه وأجوبة علمية وتقنية ومقنعة على أسئلة الصحافيين وجمهور المستمعين من المهتمين في الانتخابات!! وبالرغم من ذلك يحتفظ بأكبر نسبة تأييد ناخبي الحزب الجمهوري .
تذهل هذه النتائج كافة خبراء السياسة الأميركية !!بدون أي برنامج انتخابي ولمدة شهرين في الحملة الانتخابية يرد على كافة الأسئلة بالجمل والعبارات المذكورة أعلاه دون أن يرد بشكل تقني أو سياسي على أسئلة الصحافيين والجمهور !! ومع ذلك يحتفظ بأعلى نسبة مؤيدين وبفارق كبير مع منافسيه الخبراء المخضرمين في السياسة الأعضاء في الكونجرس أو في مجلس الشيوخ !!
هل انتهى مفعول التصريحات المبنيَة على الخبرة والمعترك السياسي لتحل مكانها تصريحات لا عمق سياسي فيها ولا برامج مبنية على رؤيا واضحة لمستقبل أميركا والعالم ؟؟
هل ما يجري في هذه الدورة الانتخابية هو ردة فعل وغضب شعبي على السياسيين الذين أوقفوا وعارضوا – فقط للمعارضة – البرامج الإصلاحية التي قدمها الرئيس أوباما وأوقفوا معها الدولة ؟؟
والآن يريد الناخبون رئيسا من خارج الكتل والنخبة السياسة الحالية ؟؟
منذ سنتين ونيف فاجأ الناخبون في مدينة نيويورك العالم بإنتخابهم المختار – بيل دي بلاسيو – وهو من خارج النخبة السياسية وانتزع كرسي المختار من عائلات سيطرت على مركز المختار لمدة طويلة وكان تحليل المضطلعين بأن ما جرى هو نتيجة تململ الجمهور ونوع من فقدان الثقة في العائلات المسيطرة على مركز مختار أعظم مدينة في العالم!!
الانتخابات النهائية ستجري في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم والظاهر أن – دونالد ترمب – سيمثل الحزب الجمهوري ضد مرشح الحزب الديموقراطي ولغاية ذلك الموعد لا يمكن معرفة المفاجأة في النتائج !!