انطلق الاجتماع المشترك بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة على مستوى كبار المسؤولين بشأن دعم الصومال في مواجهة أزمتي الجفاف والمجاعة برئاسة الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط اليوم الثلاثاء بمقر جامعة الدول العربية .
ويترأس وفد الأمم المتحدة نائب ممثل الأمم المتحدة للصومال ومنسق الشؤون الإنسانية بالصومال آدم عبد المولى .
ويناقش الاجتماع مخاطر حدوث مجاعة في الصومال واستباق هذه المأساة والتحرك لمنعها بشكل عاجل من خلال العمل على تطوير البنية التحتية في الصومال للتعامل في الجفاف المتكرر جراء التغير المناخي.
وخلال كلمته، حذر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط من أزمة الجفاف بالصومال التي حدثت جراء خمسة مواسم متتالية من شح الأمطار، وألحقت الضرر بحوالي ثمانية ملايين شخص أي ما يعادل نصف سكان البلاد؛ أغلبهم من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وخطر الموت، وهم في حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم لمواجهة حالة الجفاف التاريخية، التي تُنذر بوقوع مجاعة مأساوية غير مسبوقة قد تكون أسوأ بكثير من المجاعة التي وقعت عام 2011.
وقال أبو الغيط، في كلمته خلال الاجتماع، “إن تسارع تدهور الوضع الإنساني بشكل ملحوظ في أقل من 10 سنوات فى الصومال يتطلب التفكير بطريقة غير تقليدية، وتبني مقاربات جديدة بخصوص التعامل مع هذا النوع من الأزمات المركبة”.
وأشار إلى أن هذه الأزمات لا تتطلب تأمين المساعدات الإنسانية فحسب؛ بل تستوجبُ إيجاد حلولٍ مستدامة فعالة تركز على الاستثمار في تنمية البنية التحتية للتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية وتعزيز القدرة المجتمعية على الصمود، وتوفير الخدمات الأساسية، لاسيما وأن آثار الجفاف وتبعاته سوف تستمر لفترة طويلة كما هو متوقع.
وأضاف أبو الغيط أنه “بدون وجود استراتيجية شاملة تعالج احتياجات الغد القريب والبعيد بالاعتماد على التوقعات الرصينة التي توفرها المنظمات العاملة في الميدان بجهد كبير، فإن الشعبُ الصومالي سيظلُ يعاني دورياً من مهددات الأمن الغذائي ودورات جفاف وفيضاناتٍ وتصحرٍ وتقلص غابات ونزوحٍ حاد وضاغط على الموارد الآخذة في التراجع بسرعة تحت وطأة تغيرات المناخ.
وأوضح أن دعوة جامعة الدول العربية لاجتماع اليوم نابعة من قلق عميق يعتري الوطن العربي والمجتمع الدولي إزاء محنة الشعب الصومالي الشقيق في ظل أزمة الجفاف التي تعد الأسوأ من نوعها بعد عدم هطول الأمطار لخمسة مواسم متتالية، مما ألحق الضرر بحوالي ثمانية ملايين شخص أي ما يعادل نصف السكان؛ أغلبهم من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وخطر الموت.
وتابع “هؤلاء في حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم لمواجهة حالة الجفاف التاريخية التي تُنذر بوقوع مجاعة مأساوية غير مسبوقة لن تكون تكراراً للمجاعة التي وقعت عام 2011 فحسب؛ بل قد تكون أسوأ بكثير إن لم نتحرك بالشكل المطلوب”، لافتا إلى أن الإحصاءات تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف ما قبل المجاعة أو الشبيهة بالمجاعة في الصومال قد زاد بنسبة خمسة أضعاف منذ بداية العام، وأن النزوح الداخلي مستمر، والصراع على الموارد الشحيحة يهدد السلم والأمن المجتمعي والسياسي في الصومال على نحو بالغ الخطورة.
وذكر أنه في عام 2011، وقعت نصف الوفيات في الصومال قبل إعلان المجتمع الدولي تحقق شروط وجود مجاعة في هذا البلد، مشددا على أن الوقت له ثمن باهظ في هذه الظروف، وأن تأخير الاستجابة يعني أعدادا أكبر من الضحايا ومستوى أعلى من المعاناة والخسائر.
ونوه بأن جامعة الدول العربية تتابع بكل تقدير الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظمات الدولية والعربية في الصومال منذ عقود، معربا عن ارتياحه لأن مشروع جدول أعمال اجتماع اليوم سيبحث عدداً من المسائل والقضايا المهمة المتعلقة بالوضع في الصومال، ومنها الاستجابة العاجلة والمتناسقة في المناطق المهددة بالمجاعة وتوفير المساعدات الإنسانية الملحة، وتعزيز قدرة الصمود مع تغير المناخ في الأجلين القصير والطويل وفقاً للاستراتيجية الصومالية لإدارة الموارد المائية، وهي الاستراتيجية التي دعمتها القمة العربية الشهر الماضي في الجزائر.
كما سيبحث جدول الاجتماع الاستثمارات المطلوب توفيرها في البنية التحتية الصومالية بما يمكنُها من تطويرِ أنظمة إنذارٍ مبكر مستدامة واستراتيجية للحد من مخاطر الكوارث في الصومال؛ والتوعية بإمكانيات الصومال في تحقيق الأمن الغذائي في العالم العربي لما يملكه من ثروات سمكية وحيوانية وغيرها؛ و العمل على تطوير استراتيجية شاملة لتنسيق الجهود المستقبلية.
وبين أبو الغيط حجم المصاعب التي تواجهها الحكومة الفيدرالية الصومالية بعد عقود من غياب الدولة؛ مؤكدا أن دور الحكومة سيظل رئيسياً في أي عمل مستقبلي.
وأشاد أبو الغيط بإنشاء الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بعد يوم واحد فقط من توليه المسؤولية، منصب المبعوث الخاص الرئاسي للشؤون الإنسانية والجفاف الذي يشاركنا اليوم هذا الاجتماع المهم، كما تم تشكيل وكالة لإدارة الكوارث في الحكومة الصومالية من أجل تسهيل وتنسيق جهود الإغاثة وإنقاذ الأشخاص المنكوبين؛ بالإضافة إلى إنشاء لجنة مشتركة فيما بين الوزارات لمواجهة الجفاف.
من جهته، أكد ناىب مساعد وزير الخارجية لشؤون دول القرن الإفريقي السفير خالد الشاذلي، في كلمته أمام الاجتماع، حرص مصر على تطوير ثروات الصومال البشرية من خلال نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفني وبناء قدرات ومؤسسات الدولة الصومالية، وخاصة في مجالي الري والزراعة للمساهمة في تحسين قدرات الحكومة الصومالية على مواجهة الجفاف.
وقال السفير خالد الشاذلي إن مصر من خلال رئاستها للدورة الحالية لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) سوف تؤكد على إعطاء الأولوية للصومال، بشأن التغيرات المناخية وخاصة في صندوق تمويل الدول النامية عن تداعيات التغير المناخي الذي صدر قرار بتأسيسه من القمة وذلك بالتعاون والتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة الرئاسة القادمة للمؤتمر.
وأشار إلى أن آثار أزمة الجفاف الشديد التي تشهدها الصومال تستلزم استجابة إنسانية طارئة للتقليل من حدتها ومن ثم جاء حرص مصر على تقديم الدعم الفوري، حيث قامت مصر بإرسال شحنة من المساعدات الإنسانية المتنوعة (الإغاثية والغذائية والطبية ) لدعم الحكومة الصومالية في مواجهة آثار موجة الجفاف التي ضربت البلاد وتسببت في مجاعات وتهجير المواطنين.
وأوضح أن مصر بصدد إرسال مساعدات غذائية وطبية إضافية للمساهمة في سد العجز الحاصل في الحاجات الأساسية من الغذاء والمستلزمات الطبية.
وتابع أنه في إطار الحرص على منح الحكومة الصومالية قدرة طويلة الأمد على تحمل الصدمات المناخية تسعى مصر إلى تعزيز القدرات الاقتصادية للدولة الصومالية، ومن هذا المنطلق فإن بنك مصر بصدد افتتاح فرع له في مقديشيو من أجل الإسهام في توفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط تحويل الأموال وفتح الحسابات وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الصومال.
وأضاف أنه في مسار مكمل لهذه الجهود، تقوم اللجنة الوطنية المعنية بتعزيز التبادل التجاري مع دول العالم بوضع الصومال في أولوية الاستراتيجية المصرية لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين بما يسهم في توفير مختلف المنتجات والبضائع المصرية في متناول يد أبناء الشعب الصومالي الشقيق.
وأوضح أن مصر تسعى نحو تطوير ثروات الصومال البشرية من خلال نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفني وبناء قدرات ومؤسسات الدولة الصومالية، وخاصة في مجالي الري والزراعة للمساهمة في تحسين قدرات الحكومة الصومالية على مواجهة الجفاف وآثاره من خلال الدورات التدريبية التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
وأعرب عن استعداد جمهورية مصر العربية لمساعدة جمهورية الصومال الفيدرالية من خلال بناء القدرات والتدريب في مجال النفاذ إلى التمويل التنموي الدولي بإعداد قائمة من المشروعات القابلة للتنفيذ خاصة في مجالات الزراعة واستدامة الموارد المائية للتكيف مع تغير المناخ، وهو ما يمكن التقدم به للحصول على تمويل ميسر ومنح من الصناديق التنموية والعربية، خاصة وأن مجموعة التنسيق العربية ACG التحالف الاستراتيجي الذي يضم مختلف صناديق التنمية الإقليمية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية، قد أعلنت عن تمويل يقدر بمبلغ 24 مليار دولار حتى عام 2030 خلال قمة المناخ بشرم الشيخ للمساهمة في زيادة الأمن الغذائي وتوفير المياه وأمن الطاقة بالدول النامية والدول العربية، فيما أعلن رئيس البنك الإسلامي للتنمية عن برنامج للاستجابة لأزمة الأمن الغذائي (FSRP) بقيمة 10.54 مليار دولار لدعم الدول الأعضاء المواجهة التحديات الفورية والطويلة الأجل على مدى السنوات الثلاث والنصف القادمة خلال قمة شرم الشيخ.
وأشار إلى أنه لأول مرة تم إنشاء صندوق تمويل المساعدة البلدان النامية المتضررة من كوارث المناخ، وللحد من آثار الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي خلال الدورة 27 لمؤتمر اطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ بشرم الشيخ، وهو ما يمثل فرصة مواتية لدولة الصومال العربية الشقيقة للنفاذ إلى التمويل الذي سيوفره هذا الصندوق بمجرد تفعيله ويمكن كذلك البناء على جهود الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في دعم الصومال من خلال الاستفادة من برنامج المشروعات الخضراء والذي يهدف المساندة الدول العربية في جهودها لمكافحة التغير المناخي.
وأكد أن التغلب على مواجهة الأزمة وتحقيق الاستقرار والتنمية في الصومال يقتضي استمرار الجهود والالتزام الجاد من كل أصدقاء الصومال بتقديم الدعم والمساهمة في تأهيل كوادر ومؤسسات الدولة الصومالية.
وختم كلمته بتوجيه الشكر للأمين العام الجامعة الدول العربية والسكرتير العام للأمم المتحدة على رعاية وتنظيم هذا المؤتمر المهم، معربا عن التطلع لخروج المؤتمر بنتائج ومعالجات عملية تحقق مصالح شعب الصومال وتساعده على مواجهة التحديات الجسام التي تواجهه.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)