بقلم: الدكتور غازي الفنوش
للنظافة تأثيراً كبيرا على الفرد والمجتمع، فهي تؤثر على الصحة النفسية والجسمية للفرد، كما تساهم في إبراز جمال الطبيعة من خلال تحسين البيئة وخلوها من التلوث ..
لاريب بأن الاستحمام هو من أقدم أشكال النظافة التي عرفتها البشرية، بل إن العلماء يؤكدون أن الناس على مدار العصور لو كانوا يستحمون بصورة منتظمة لما عرف التاريخ بعض الأوبئة التي أودت بحياة الملايين من البشر، حتى أن البعض يصف الصابون بأنه أهم اختراع عرفته البشرية بعد البنسلين .
لماذا كان ملوك أوروبا لايستحمون ؟
رغم أن الاستحمام وسيلة سهلة للنظافة، ومع ذلك لم تهتم شعوب أوربا بالاستحمام، فقد كان الأثرياء فقط قادرين على تحمل تكاليف الحمامات الشخصية، وإن المؤرخين يؤكدون أن الأوروبيين بداوا الاستحمام بشكل متكرر بسبب تأثير الإمبراطورية العثمانية التي كانت مهتمة جداً بالنظافة
على مبدأ النظافة من الإيمان ولكن ما الذي منع الأثرياء والملوك في أوروبا من الإستحمام علما أنه كان بإمكانهم تحمل كلفة الإستحمام المرتفعة ؟
إعتقد بعض ملوك أوروبا أنه من المستحيل عليهم أن يتسخوا لأنهم كانوا يظنون أنهم أنصاف آلهة، ومن ناحية أخرى رأى العديد من العائلات الملكية في أوروبا أنهم مميزون لدرجة أن لديهم هالة من حولهم وظنوا أن هذه الهالة ستختفي إذا تم غسلها، حتى أن بعض الملوك اعترفوا بأنهم لم يغتسلوا سوى مرتين في حياتهم كلها، ومن الأمثلة على ذلك الملكة إيزابيلا ملكة قشتالة في اسبانيا، التي اعترفت بالاستحمام مرتين فقط في حياتها. كانت المرة الأولى عندما ولدت، والمرة الثانية كانت قبل زفافها، وأما الملك لويس الـ14 ملك فرنسا، كان أيضاً قد استحم مرتين في حياته، المرة الأولى عند الولادة، والمرة الثانية التي استحم فيها كانت عندما كان مخموراً، وكانت تلك هي اللحظة التي اجبره خدمه على الاستحمام، وكان يستخدم البدائل، فقد كان لويس الـ14 يضع مكياجه كل صباح ويستخدم نصف زجاجة عطر والتي كانت كافية للقلعة بأكملها لتشم رائحته،،!!
من اخترع الصابون ؟
إن البابليين القدماء هم من اخترع الصابون والأدلة على ذلك طينية بابلية مؤرخة في 2800 قبل الميلاد، حيث تؤكد النقوش إلى أقدم وصفة صابون مكتوبة وتشير إلى أن المنتج مصنوع من دهون ممزوجة برماد الخشب والماء، وكانت تلك الإشارات المبكرة في صناعة الصابون لغسل الصوف والقطن، وليس لغسل الجسم .
وقد طور البابليون والمصريون القدماء لاحقا إنتاج الصابون المصنوع من رماد النباتات والزيوت والدهون الحيوانية، وكانت النتيجة النهائية لها نفس الخصائص الأساسية للصابون الحديث عندما يقترن بالماء، تحدث رغوة ويساعد في إزالة الأوساخ، وقد استخدم الصابون لعلاج الأمراض من قبل الأطباء.
أما في العصر الحديث فقد بدأ استخدام أنواع الصابون الجديدة التي تحتوي على الزيوت النباتية، والتي تم إستخدامها لنقاوتها ورائحتها الطيبة، كمواد فاخرة وأول هذه الأنواع صابون حلب وهو صابون أخضر من زيت الزيتون ممزوجة بزيت الغار العطري، تم إنتاجه في سوريا و نقله الصليبيين إلى أوروبا، وسرعان ما تبعتها إنتاج نماذج فرنسية وإيطالية وإسبانية وإنجليزية. ومن ثم بدأت بعض الشركات في انتاجه وأبرزها شركة بي آند جي P&G عام 1879 تطوير وتسويق صابون إيفوري Ivory، وتبعها بعد ذلك صابون بالموليف المصنوع من زيت النخيل والزيتون في عام 1898 .
وفي أوائل القرن الـ20 بدأت كيمياء الصابون تتغير، حيث أدت عقود من التجارب المعملية إلى استخدام زيت جوز الهند وزيت النخيل، وزيت بذرة القطن، ومع اكتشاف الدهون المهدرجة في عام 1909أحدثت هذه الدهون الصلبة النباتية ثورة في صناعة الصابون لكون تصنيعها لايعتمد على المنتجات الحيوانية .
أدى نقص الدهون والزيوت للصابون خلال الحربين الأولى والثانية إلى اكتشاف المنظفات الاصطناعية كبديل «متفوق» لصابون الغسيل القائم على الدهون .