بقلم: كلودين كرمة
هل تتذكرون عندما كان الأمان أجمل ما في بلدنا وكانت من المشاهد العادية في القرى والأحياء الشعبية أن تجد أناس يفترشون أمام بيوتهم آمنين دون خوف أو قلق، وأن ترى تجمعات من الأطفال الصغار يلعبون ويلهون في الشارع حتي مشارف الفجر، وأن ترى رجلا آتيا من عمله متأخرا في الظلام يسير بخطوات مطمئنة دون أن ينظر يمينا أو يسارا، اين هذه المشاهد اليوم ، للاسف باتت شوارعنا مؤججة بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة وتفجير الأبرياء.
وكأن العدو المندس بيننا حريص على قتل افراح المصريين فبينما نستعد للاحتفال بالذكري الثانية لثورة 30 يونيو شهدت الاراضي المصرية ثلاث كوارث متتالية ، الاولي هي حادثة اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام او كما سماه الرئيس عبد الفتاح السيسي “صوت مصر” والتي هي أول عملية اغتيال في مصر ينتج عنها تأثيرات مدمرة لوقوعها في منطقة مأهولة بالسكان ، وهي ايضا اول محاولة اغتيال ناجحة تتم في تاريخ مصر باستخدام السيارة المفخخة.
وبينما كنا ننتظر رد الفعل الوطني على الحادث الاول وقع الحادث الثاني واذا بنا نفاجئ بسيوف الغدر تطعننا دون هواده بأكبر عملية منسقة على اعلى مستوى استخباراتي من تنظيم الدولة الاسلامية في سيناء للاستيلاء على مدينة كاملة لتكون النواة للسيطرة على مصر كلها ، حيث تم ضرب 15 كمين في شمال سيناء في توقيت واحد بسيارات مفخخة محصنة ضد الرصاص حتي لا يتمكن كمين من الاستنجاد بأخر ، ثم هاجموا قسم الشيخ زويد بمفخخة مدرعة وفجروا جزء منه فعلاً وبعدها فخخوا الطريق حتي لايصل العون او الاسعاف للمصابين
والحادثة الثالثة من وجهة نظري هي التي قام بها الاعلام ،فعلي الرغم من انه لا يوجد اى مراسل لجريدة او قناة تليفزيونة في سيناء وان المصدر الوحيد للاخبار خلال المعركة كان المتحدث العسكري، خرجت وسائل اعلامية من المفترض انها محترمة ومهنية تتحدث عن اعلان ولاية سيناء وعن الخسائر الفادحة في صفوف الجيش، وهو ما كان له تأثيره السلبي على الراى العام المصري فما بالك برد فعل الاسر التي يقف ابنائها في صفوف الجيش في هذه المناطق.
ورغم عتامة الصورة الا انني اري فيها نقاط منيرة..
– اولا : تم ابطال مقولة “ الجندي الغلبان” فليس لدينا جنود غلابة لدينا “وحوش” فكم روت قصص عن جنود في تلك المعركة كانوا يبدو بسطاء لكن رغم اصابتهم لم يستسلموا وظلوا يقاتلون حتي الاستشهاد وخير مثال على ذلك قصة الشهيد “عبدالرحمن”الذي قتل 12 إرهابيًا بسيناء رغم إصابته ويوجد غيره كثيرين قد نعرفهم او لا نعرفهم
– ثانيا : عندما تجد داعش في اقل من عام تتمكن من نصف سوريا والعراق بنفس هذه العمليات ثم تجدها على مدار 3 سنوات تعجز عن السيطرة على رفح والشيخ زويد في مصر، فلابد ان تعلم ان الفضل في ذلك يعود للجيش المصري وجنوده.
– ثالثاً: قامت هذه الاحداث بعمل “غربلة “ لوسائل الاعلام المقروءة والمرئية وللاعلاميين والكتاب وحتي المسئولين فبات جليا من هو العدو ومن هو الصديق، وما يستحق المتابعة وما يستلزم الاستبعاد.