بقلم: بشــير القــزّي
أعادتني الأيام التي تمضي الى ذكريات خِلتُ نفسي أنّي تجاوزتها وأنها ذهبت الى غير رجعة! تلك الذكريات المؤلمة التي عشتها خلال الحرب الأهلية (بالنسبة لي خلال سنة ١٩٧٥ وما تبعها وأما بالنسبة للقراء الكرام فأشكّ أن الكثيرين منهم أفلتوا من العيش في خضمّ صراعات مماثلة حصلت ضمن فترة مختلفة من تاريخ شرقنا الذي أُجبرنا على التخلّي عنه)
في أيامنا هذه تغيّر الأعداء واختلفت الأسلحة وتبدّلت الظروف:
• كانت الأسلحة مؤلفة من بنادق ورشاشات ومدافع هاون وقنابل وخوزات وقائية.
• أصبحنا مدجّجين بكمّامات وقفّازات ومساحيق تنظيف
• كان العدو مكوّناً من أناس يشبهون باقي البشر ويختبئون وراء متاريس وأبنية
• عدوّ اليوم لا يُرى بالعين المجرّدة
• كنا نشعر بالمعارك من صوت الإنفجارات ورائحة البارود
• أصبح العدوّ يقترب منّا ويهدد حياتنا دون أن يُصدر أي صوت أو رائحة
• تعرّفنا على جيراننا وآخيناهم عندما كنا نختبئ في الملاجئ أوقات القصف
• نبتعد اليوم عن الجيران ونخشى الاختلاط بهم وتعرّفت عن قرب على زوجتي لأول مرة بعد كل العقود التي عشناها سوياً
• كان من يصاب بالحرب يتمّ نقله الى المستشفى لمعالجة جراحه ويتدفق عليه كل الأقرباء والأصحاب لزيارته ومواساته والسؤال عنه
• أصبح المريض يوضع بالحجر الصحّي ويبتعد عن زيارته الجميع بما فيهم أفراد عائلته
• كان كلّ من ييأس من الوضع المزري يركب البحر عبر أي مركب أو يحجز على متن أول طائرة وذلك للسفر الى أي بلد آمن
• أصبحنا نخشى استقلال المراكب والطائرات وأصبحت كل البلدان غير آمنة