بقلم: هيثم السباعي
نستأنف اليوم ما بدأناه في العدد الماضي بالحديث عن سيد البيت الأبيض وطريقة إتخاذه القرارت وتقييم المراقبون لأدائه وعلاقاته بالحلفاء وبقية دول العالم.
منذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض أو بعده بقليل بدأ بانتقاد أشبه بالهجوم على أقرب حلفاء بلاده عبر المحيط الأطلسي وجارته الشمالية كندا. اشتركوا جميعهم بتهمة إستغلال الولايات المتحده مادياً وعسكرياً وطالبهم بزيادة ميزانياتهم الدفاعية وطالب ألمانيا بدفع مبلغ ٣٥٠ مليار دولار قيمة فاتورة الدفاع عنها. كما كان همه الأول القضاء على جميع إنجازات سلفه الرئيس باراك أوباما. هاجم الصحفيين والصحافة ولم يبق إلى جانبه سوى محطة فوكس التي تنقلب عليه من وقت لآخر.
لم يسبق لرئيس أميريكي أن أدلى بتصريحات أو أقوال عبر تغريدات ينشرها صباحاً من غرفة نومه قبل مغادرة سريره كما فعل ويفعل هو. أحصى المراقبون أنه خلال ٥٨٨ يوماً من وجوده بالبيت الأبيض أدلى بما معدله ٧,٣ تصريحاً أو نبأً كاذباً باليوم الواحد.
يُدهش مستشاروه ومعاونوه بعدم اهتمامه بالأمور الخطيرة. انسحب من الإتفاق النووي الإيراني دون أخذ رأي مستشاريه ضارباً عرض الحائط بتوقيع حلفائه بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإشتراك مع الصين وروسيا. ويقال على ذمة الرواة أنه فعل ذلك بعد تلقيه رسالة بهذا المضمون من رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نيتينياهو.
تصاعدت في عهده جرائم الكراهية والعنصرية ضد الأفريقيين والأميريكيين الجنوبيين والجنسيات الأخرى بعد انتشار الأسلحة حتى في المدارس الثانوية. ترك اللاجئين على حدود المكسيك بظروف إنسانية غير مقبولة وفصل الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم ودعا إلى بناء جدار يفصل بين البلدين أقل مايقال عنه بأنه جدار عنصري شبيه بجدران الفصل التي تبنيها إسرائيل بينها وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحديثاً نصح إسبانيا ببناء جدار مشابه في صحراء صحارى لإيقاف موجات الهجرة الأفريقية باتجاه أوروپا.
فرض ضرائب جديدة على الفولاذ والألومنيوم المستورده بنسبة تراوحت من ١٠ إلى ٢٥٪ وحديثاً فرض ضريبة على بضائع مستورده من الصين بمبلغ ٢٠٠ مليار دولار تعهدت بالرد بإجراءات مماثله. باختصار أشعلت قرارته حرباً تجارية دولية ستنعكس تأثيراتها على العالم بأسره.
صدر حتى الآن أربعة كتب عن أدائه، أهمها كتاب بوب وودوورد الصحفي المخضرم الذي كشف فضيحة ووترغيت التي أودت بعهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون. عنوان الكتاب “خوف: ترامپ في البيت الأبيض.” يبدو أن أغلب محتوياته تم نقلها عن مسؤولين قريبين جداً من دائرة الرئيس المغلقة.
أهم ماجاء فيه أن الرئيس طلب من وزير دفاعه جيمس ماتيس اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد بعد اتهامه بالهجوم بالأسلحة الكيميائية على خان شيخون في نيسان/أبريل ٢٠١٧. أما الرعب الفعلي فقد وقع عندما خط مشروع رسالة موجهه إلى وزارة الدفاع يطلب فيها سحب عائلات الجنود الأميريكيين من كوريا الجنوبية لأن وصول مضمونها إلى كوريا الشمالية سيؤكد أن الحرب عليها واقعه، لا محاله.
يصفه معاونوه بأن مداركه لا تتعدى مدارك طالب في الصف الخامس أو السادس الإبتدائي وآخر يصفه بالغبي وآخر يقول بأنه يسحب بعض الوثائق من مكتبه ويخفيها خوفاً من توقيعها الذي قد يتسبب بأزمة داخلية أو دولية.
سأكتفي بهذا القدر لأنه لا يزال هناك الكثير لذكره ولكنه باختصار يعيش بكابوس في البيت الأبيض لعدم وقوف أحد إلى جانبه ويتوقع المراقبون أن يفقد الجمهوريون الأكثرية في مجلسي النواب (الكونغرس) والشيوخ بسببه وذلك في الإنتخابات النصفية التي ستجري في تشرين الثاني/نوڤمبر القادم. يضاف إلى ذلك أن تهديد عزله سيبقى دائماً السيف المسلط فوق رأسه.