بقلم: سليم خليل
للحرير الطبيعي وإنتاجه قصص كثيرة أهمها أن الصين كانت ولقرون طويلة المركز الوحيد لإنتاج الحرير ومن هنا تأتي تسمية – طريق الحرير – التي عبرتها القوافل التجارية برا من شمال الصين مرورا بآسيا الوسطى ؛ سمرقند كزاخستان ؛ ممر خيبر في أفغانستان ثم بلاد الفرس، حاليا إيران، ومنها إلى بغداد وبلاد الشام حيث تتوزع جنوبا إلى السعودية أو بحرا إلى أوروبا عبر المرافئ الإيطالية التي اشتهرت بالتجارة ؛ وقصة الرحالة الإيطالي – ماركو بولو وذويه – التجار؛ الذين رافقوا تلك القوافل على طريق الحرير لتسويق بضائعهم؛ شهيرة وتاريخية لأنهم كانوا ينقلون الخيوط والأنسجة الحريرية من الصين إلى أوروبا ، وفي طريق العودة كانوا ينقلون البضائع من البلاد الأوروبية إلى البلاد آسيا .
بقي إنتاج الحرير الطبيعي لقرون عديدة سرا احتفظت به الصين وقيل إن إحدى الأميرات الصينيًات تزوجت إلى بلاد فارس وأخبأت بعض شرانق ديدان القز في شعر رأسها ؛ وفي بلاد فارس كشف سر إنتاج خيوط الحرير وإنتقل منها إلى الشرق الأوسط وأوروبا ؛ وهكذا خسرت الصين استراتيجية احتكار هذا الكنز .
المعروف عن انتاج الحرير الطبيعي أن غذاء ديدان القز الرئيسي كان ولا يزال ورق شجر التوت ؛ تأكل الديدان الورق لتنتج نوعا من البروتين يمتزج بريق الديدان ليخرج خيطانا تلتف على الدودة التي تصبح – شرنقة – تدور على نفسها ويلتف الخيط عليها لمدة أسبوعين تقريبا .
تلقى بعدها الشرانق في الماء الغالي لتَقتل وتستخرج من كوب الخيطان التي تنقل إلى عجلات لمعالجتها. تجري عملية قتل الشرانق قبل أن تتحول إلى فراشة وتخرج من كوب الخيطان وتقطع الخيطان بخروجها . َ
الجديد في إنتاج الحرير الطبيعي أن المخابر العلمية في الصين بعد تجارب عديدة اكتشفت إمكانية تطوير خيوط الحرير لتصبح ناقلة للكهرباء وذلك بطلاء الخيوط بمادة – غرافين – . تجارب جديدة تمت بمزج ورق التوت الغذاء المفضل للديدان بمادة الـ – غرافين – فأنتجت الديدان خيوطا حريرية ناقلة للكهرباء بشكل أفضل من طلائها بتلك المادة ؛ كما إن تلك الخيوط كانت نقية ولا أثر لمادة – الـغرافين – السوداء .
تجارب مماثلة جرت لدراسة قوة خيط الحرير الناتج من خلط الغذاء فتبين أن الخيط الجديد أقوى وأشد من الخيط التقليدي السابق .
تمت تجارب أخرى لمعرفة مقاومة الخيط الجديد للأشعة الشمسية – البنفسجية – وكانت النتائج جيدة والمقاومة للأشعة كافية لتصمد الخيوط ضد تأثير الأشعة وهذا يفتح مجالات للكثير من الاستعمالات ؛ ومنها إدخال حساسات في الألبسة من نسيج الخيوط الجديدة الناقلة للكهرباء لتنقل الكثير من انفعالات أعصاب الإنسان ومعها التطورات الصحية . يؤكد الخبراء أيضا على إمكانية استعمال الخيوط في الإليكترونيات ؛ وفي حال الدخول في هذا المجال ستكون هناك ثورة علمية جديدة لا حدود لها .
تبين أيضا أن الخيوط الحريرية الجديدة لا خطر أو ضرر منها للبيئة لأن الخيوط المطلية – بالغرافين – تركت خلال معالجتها رواسب كيميائية ضارة بالبيئة بينما الخيوط الناتجة من الغذاء المخلوط نقية ولا تترك أي رواسب خلال المعالجة .