بقلم: د. حسين عبد البصير
الملك بيبي الأول
حكم الملك بيبي الأول في الأسرة السادسة قرب نهاية عصر الدولة القديمة. وقام بيبي الأول بانتهاج سياسة توسعية في النوبة وعمل على وصول وتأمين طرق التجارة إلى بلاد بعيدة عن مصر مثل لبنان والصومال.
وفى عهده، تم تكوين أول جيش نظامي في مصر. ومن بين أشهر كبار رجال دولته الموظف الشهير ونى الأكبر صاحب المقبرة الموجودة في أبيدوس في سوهاج.
ومن الجدير بالذكر أنه في عهد هذا الملك تعرضت الدلتا المصرية لغارات عديدة من البدو الموجودين على حدود مصر الشمالية الشرقية والتي أطلق عليهم النصوص المصرية «عَامو حِريُو شَع» أي «الأسيويين الموجودين على الرمال». ومن أجل صد هجماتهم التي لم تفلح الحاميات العسكرية القليلة العدد في هذه المناطق في التصدي لها، قام بيبي الأول بتكليف ونى الأكبر بقيادة حملات عسكرية في بلاد الشام. فتم القيام بتأسيس أول جيش نظامي مصري قوامه العديد من الآلاف من المجندين المصريين من جنوب مصر إلى شمالها، فضلاً عن عدد كبير من النوبيين والليبيين الموالين لمصر. ونجح ونى الأكبر في قيادة ذلك الجيش المصري النظامي الباسل والقضاء على هجمات البدو.
الملك مونتو حتب الثاني
بعد عصر طويل من الاستقرار السياسي، انقسمت البلاد، وشهد عصر الانتقال الأول انهيار الدولة والسلطة المركزية وطغيان سطوة حكام الأقاليم المصرية وبزوغ نجمهم. وفى النصف الثاني من عصر الأسرة الحادية عشرة، ظهر الفرعون مونتو حتب الثاني نب حبت رع، ووحّد مصر، فأصبح الموحد الثاني للأرض المصرية بعد الملك مينا الأول، وأسَّس الدولة الوسطى. وحكم الملك مونتو حتب الثاني حوالي 51 عامًا، ووحّد مصر تحت سلطة ملك واحد في حوالي عام حكمه التاسع والثلاثين، مُنهيًا بذلك عصر الانتقال الأول، ومؤسِّسًا عصرًا من الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي للبلاد. وعندما صعد مونتو حتب الثاني لحكم البلاد في منطقة طيبة (الأقصر الحالية)، كان يحكم جزءًا كبيرًا من البلاد، ورثه عن سابقيه، يبدأ من الجندل الأول في منطقة أسوان جنوبًا إلى الجنوب من منطقة أبيدوس في محافظة سوهاج في صعيد مصر شمالاً.
الملك أمنمحات الأول
الفرعون أمنمحات الأول هو فرعون قادم من الجنوب المصري العريق. وهو أول ملوك الأسرة الثانية عشرة التي تعتبر قمة مجد عصر الدولة الوسطى، الفترة الذهبية الثانية بعد عصر الأهرامات في الدولة القديمة. وأغلب الظن أن هذا الملك كان الوزير أمنمحات الذي قاد حملة إلى منطقة وادي الحمامات في عهد سلفه مونتو حتب الرابع، والذي ربما كان شريكه في الحكم. ولا ينتمي أمنمحات الأول إلى الدم الملكي. وهناك عدد من الأعمال الأدبية التي تعتبر دعاية سياسية له لإسباغ الشرعية على فترة حكمه مثل «نبوءة نفرتي» و»تعاليم أمنمحات». وتأثر في العمارة بأهرامات الدولة القديمة، خصوصا أهرامات الأسرتين الخامسة والسادسة. وقام بنقل العاصمة من العاصمة القديمة طيبة (أو الأقصر الحالية) إلى «إيثت تاوي» (أي القابضة على الأرضين)، وتم دفنه في هرمه في منطقة اللشت في الجيزة.
الملك سنوسرت الثالث
يُعتبر الفرعون سنوسرت الثالث أعظم وأقوى فراعنة الأسرة الثانية عشرة والدولة الوسطى المحاربين. وحقق في عهده مجد مصر العسكري والقوة والرخاء كأقصى ما يكون المجد والقوة والرخاء في ذلك العصر البعيد. وأضفت كل هذه الأبعاد عليه المسحة الأسطورية، وجعلت منه رمزاً لجميع المصريين وأيقونة يقلدها كل ملوك مصر اللاحقين.
وأدت حروبه العسكرية التي تُدرس في الأكاديميات العسكرية إلى سيادة الاستقرار والسلام والرخاء الاقتصادي الوفير في أرض مصر الطاهرة، وحطَّم أسطورة حكام الأقاليم التي لا تُقهر، وحجَّمهم لأقصى ما يكون التحجيم، وقام بنهضة كبيرة في الأعمال المعمارية والفنية والملاحية والزراعية وأعمال الري لم يسبق إليها أحد من قبل. وازدهرت في عهده التجارة ووصلت إلى أقصى بلاد الجنوب وإلى الشمال مع بلاد الشام. وازدهرت أعمال الملاحة في عهده، وقام بمد قناة تحمل اسمه تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر نهر النيل الخالد. وتوسع العمران في عهده بشكل مذهل. كل هذه المظاهر الحضارية المشرفة دفعت المصريين إلى تقديس الفرعون المقاتل سنوسرت الثالث في حياته، وكان في ذلك من بين الفراعنة المعدودين الذين تم تقديسهم وعبادتهم في حياتهم على الأرض.
الملك الشهيد سقنن
رع تاعا الثاني
الملك سقنن رع تاعو، أو الملك سقنن رع جحوتي عا، أو الملك سقنن رع تاعا الثاني، هو أحد ملوك الأسرة السابعة عشرة التي كانت تحكم جنوب مصر فقط من منطقة طيبة (الأقصر الحالية). وفى الفترة العصيبة من حكم مصر، كانت البلاد تقع تحت احتلال الهكسوس البغيض. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها احتلال جزء كبير من الأرض المصرية لفترة زمنية تبلغ القرن من الزمان. وكان الهكسوس يسيطرون على شمال مصر، وأعنى منطقة الدلتا المصرية العريقة، وكان نفوذهم يمتد إلى مصر أقاصي الوسطى. وسقط الملك سقنن رع تاعا الثاني شهيدًا في معركة الشرف والكفاح كي يحرر مصر من محنة الاحتلال الهكسوسي البغيض. وتوضح مومياء الملك البطل الموجودة حاليًا في المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط في القاهرة موته متأثرًا بجراحه في معركة الشرف. وتم التأكد من هذا الأمر بعد أن تم تجريب بعض الأسلحة التي استخدمها الهكسوس وتطابقها مع معظم الجراح الموجودة بالجمجمة فضلاً عن سوء التحنيط الذي تم لهذه المومياء نظرًا لسرعة تحنيطه في ساحة المعركة.
الملوك الضعاف
حكم مصر فراعنة عظام. وكذلك حكم مصر العظيمة فراعنة ضعاف لم يقدروا مصر حق قدرها، وفشلوا في حمايتها، وفي الدفاع عنها، وفي الحفاظ على وحدة أراضيها وسلامة شعبها العظيم. وفيما يلي نذكر بعضًا من أشهر أولئك الفراعنة الضعاف الذين ذكرهم التاريخ بشكل غير مشرف لهم.
التكملة في العدد القادم