بقلم: سليم خليل
عملية إحتيال يمكن أن تكون قد تكررت في الماضي ويحتمل أن تحدث في المستقبل ؛ لآن الكثيرين من العجزة في كندا لا روابط عائلية لهم ؛ هاجروا إلى هذه البلاد المعطاءة وجمعوا أموالا من أعمالهم وتقاعدوا وأصبحوا هدفا للإبتزاز أو لسرقة ما يملكون من أناس حولهم . كل قصة لها تفاصيل تختلف عن غيرها .
لكن ما حدث للسيدة الأوكرانية فيرونكا – 90- عاما في مدينة مونتريال يثير الدهشة والعجب لكيفية مشاركة عاملة إجتماعية ومحامي وطبيبة لإستصدار وثائق رسمية لنقلها من منزلها إلى مركز للعجزة تحت الحراسة المشددة بوصفها خطيرة على نفسها وعلى من حولها ثم سرقوا نصف مليون دولار من حسابها في المصرف !!!
تلقت شرطة مونتريال في شباط/ فبراير من العام الماضي 2014 هاتفا من سيدة تطلب النجدة !!! لما وصلت النجدة إلى العنوان وجدت دورية الشرطة العجوز فيرونكا بلباس للمرضى في مراكز طبية وقالت لهم لقد هربت من مركز للعجزة وإذا أرجعتموني هناك سأنتحر وأرجو أن تسمعوا قصتي !!
بدون إنذار في منتصف شهر كانون ثاني 2013 نَقلتني سيارة شرطة من منزلي ولم يسمح لي بأي إتصال هاتفي وقطع فورا الهاتف؛ نقلوني إلى مركز للعجزة حيث منعوني أيضا من أي إتصال .
هناك كنت أفكر بكيفية الهروب من المركز . وأخيرا وجدت بابا جانبيا إلى الخارج بدون حراسة ؛ قررت الهروب منه ؛ واليوم خرجت من الباب خلسة وكان بجانب الباب سيارة إسعاف فإختبأت فيها متأملة أن تنطلق في طلب للإسعاف إلى منطقة سكنية أستطيع فيها أن أطلب النجدة لنفسي . وهذا ما حدث !!!
أخبرت فيرونكا الشرطة عن حياتها وعملها مع زوجها المتوفي منذ عقدين من الزمن وأنها باعت مبنى من أربعة منازل ووضعت المال – نصف مليون دولار في المصرف – وتخشى أن يكون المال قد سرق !! بعد زيارة المصرف برفقة رجال الأمن وجدوا أن المال قد سًحب بتفويض رسمي من محامي يدعى شارل.
كانت السيدة فيرونيكا في فترة تقاعدها تتردد على كنيسة أوكرانية وكانت مثل غيرها على علاقة صداقة مع الكاهن؛ في الكنيسة تعرفت على سيدة في منتصف العمر – أنيتا – وأقيمت علاقة عادية مع تلك السيدة التي علمت أن العجوز قد باعت عقارا وأودعت قيمة العقار – صف مليون – في البنك .
من التحقيق تبين أنه بتاريخ 19 ديسمبر 2013 تقدمت أنيتا بصفتها إبنة شقيقة العجوز فيرونيكا إلى المحكمة بوثيقة موقعة من خالتها فيرونيكا تؤكد أنها عاجزة تماما وتوكلها بإدارة أمورها؛ وبتقرير آخر من الطبيبة – لينزي غولدسميث – يؤكد العجز ومرض ألزايمر وتقرير من عاملة إجتماعية – أليسا كيرنر – يؤكد حالة – ألزايمر- ويخشى على العجوز أن تتخذ أي قرار لإنها بحالة نسيان وهي خطرة يمكن أن تسبب حرائق وأخطار أخرى كما إنها فاقدة القدرة على النطق ويحتمل أن تبعثر أموالها . بمثل هذه الوثائق لا حاجة لمطالعة القاضي ؛ وبما أن الهدف هو حماية حقوق عجوز ومريضة يمكن أن يصدر مفوض في القضاء التوكيل اللازم.
وثق الوثائق المذكورة محامي إسمه – شارل غيربر- وتبين من التحقيق أنه زوج العاملة الإجتماعية – اليسا كيرنر – التي أصدرت ووقعت تقرير المرض (إسم عائلتها مختلف عن إسم عائلة زوجها شارل).
أما طلب نقل العجوز فيرونيكا من منزلها إلى مركز عجزة تحت الحراسة فكان قد تقدم المحامي شارل بطلب إلى المحكمة مرفق بالوثائق الطبية ؛ وطبعا لن يتردد القضاء عن الموافقة الفورية . وبناء على طلب المحامي والعاملة الإجتماعية منعت العجوز من الإتصالات الهاتفية ومن الخروج خارج مبنى العجزة .
بعد هروبها من مركز العجزة خضعت العجوز فيرونيكا لفحوص طبية دقيقة وكانت النتيجة أنها بصحة جيدة وهي تتمتع بكامل القدرات العقلية وتستطيع أن تتصرف بشكل سليم في أمورها .
نتيجة التحقيق تأكدت عملية الإحتيال والسرقة وفقدت العاملة الإجتماعية – أليسا – رخصتها في المهنة كما ان المحامي أصبح رهن التحقيق لدى مجلس المحامين ؛ وأخيرا الطبيبة أيضا رهن التحقيق حول إصدارها تقرير بأمراض خطيرة لسيدة تتمتع بكامل حواسها وعقلها.
أما – أنيتا – التي إدعت بأنها إبنة شقيقة العجوز فهي رهن التحقيق لدى شرطة مونتريال . بالنسبة للأموال المسروقة وكلت العجوز فيرونيكا محاميا ليحصًل على ما تبقى من المبلغ.