بقلم : خالد بنيصغي
اجتاحت ” كورونا ” العالم في لحظة ، ووجد الإنسان نفسه يحصي المُصابين والناجين والموتى ، وللتاريخ فقط نورد المشاعر التي اختلطت في الإنسان بكل معتقداته وأطيافه وألوانه وأجناسه كما يشعر بها أو بما يصله من جل بقاع العالم .
- يشعر المسلمون معنويا ونفسيا بالغبن والإحباط مما أصابهم في دينهم ، نعم لقد فرطنا نحن المسلمون في جَنِبِ الله كثيراً ، وكَثُرَ الفساد في جل ربوعه وبلدانه ، والنتيجة أن المسلم الآن يشعر بأن الله غاضب منه أشد الغضب ، وما هذا الوباء إلا تحصيل حاصل لما يجب أن يجنيه المسلم جراء ابتعاده عن الطريق المستقيم ، فالمساجد أُغْلِقَت في وجه المُصَلِّين ، بما فيها صلاة الجمعة ، بل أكثر من ذلك حتى الكعبة المشًرَّفَة أصبحت فارغة من زوارها المُعْتَمِرين ، وحتى الحج لهذه السنة قد لا يكون – أستغفر الله العظيم – خوفا من هذا الوباء المميت ” كورونا ” .. فأي شيء أكثر من هذا ؟؟ وكأنَّ الله عز وجل لا يريد أن يرانا لا في المساجد ولا في بيته الحرام ؟؟ يقول الله عز وجل : ” وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ” .. فنرجو أن نعود إلى الله عز وجل عودا مُبارَكاً ميْموناً ، وهو الأمل الذي يظل قائماً بإذنه مصداقا لقوله تعالى : ” وإن عدتم عدنا “
- تحوَّل العالم كله إلى سجن كبير ، وكأن الذنب مشترك بين جل الناس في كل بقاع العالم ، والقاضي هو الله وحده سبحانه وتعالى الذي ربما حكم بهذا الحكم ليتعظ الإنسان ويتوب من قريب .
- نستغرب من كل إنسان لا يتأمل ما حوله في هذا الظرف العصيب ولا يكترث إلى تلك النكت والدُّعابات البليدة التي تعبر عن غبائه وغلظة طبعه ، في الوقت الذي سمحت بعض دول أوربا مؤخرا برفع الآذان رجاء منها أن يرفع الله تعالى عنها هذا الوباء ، كما حدث مثلاً في ألمانيا وبلجيكا وهولندا .
- بعض الناس استغلوا الظرفية الحزينة التي يمر منها الإنسان وأطلقوا العنان للإشاعات والبلاغات ” الصحفية ” الكاذبة لخلق الفتنة بين الناس في المجتمع، وبعضهم استغل الوضع الاقتصادي لتحقيق الثراء الملعون بداء ” كورونا ” .
- البعض الآخر اختار طريق الخير وتصدَّق بالمال والطعام لفائدة الجوعى والعاطلين عن العمل والفقراء والمساكين ، فحماهم من جوع وعطش الزمان في هذا الظرف العصيب ، فطوبى للمحسنين والكرماء .
- الفنانون من الممثلين والمطربين منهم من تفضل بالمساهمة المالية القيِّمة ، ومنهم من ضحك على الذقون بمساهمة مخجلة أعلنت بخله اللافت ، ومنهم من تَنَكَّرَ واختبأ ينتظر أن تمر العاصفة ليظهر من جديد ويسطو على أموال الشعب التي تذهب لمهرجانات العري والفسق والمجون .
- كثير من الناس تأَمَّلَ حاله مع الله عز وجل فأعلن توبته وعودته إلى الله مصداقا لقوله تعالى : ” ففروا إلى الله جميعا ” ، لعل الله يحسن إليه وينير طريقه إلى الأبد ، ومنهم من زاد جبروتُه وتكبره عن العبادة لله والاستقامة له ، وعَثَا في الأرض فساداً، نسأل الله العافية .
الناس نوعان : نوع ينظر إلى الطين ونوع ينظر إلى النجوم ” ولا يستويان مثلا ” والناس كالمعادن ، منها ما يعلو على الصدأ ، ومنها ما يعلوها الصدأ ” شتان بين المعادن ” ؟؟ . - ” كورونا ” أتت في لحظة بسبب ما اكتسب الإنسان من فساد في الأرض ، وستمضي بإذن الله تعالى وبمشيئته إن شاء الله وتزول ، ولكن السؤال الذي يجب أن يجد الإنسان له الجواب عاجلا هو : أين ستأخذك يا ترى ؟؟ أ إلى الله عز وجل الذي فرَّطنا في جنبه طيلة عمرنا فصبر علينا لنستقيم ؟؟ أم أنها ستأخذك لتستأنف اتباع أهوائك ونزواتك ؟؟ أستغفر الله العظيم .
- امرأة توفي أبوها مؤخرا في المغرب ( ليس من جراء ” كورونا ” ) تحكي المرأة بحرقة كيف كان تقديم العزاء لها عبر المكالمات الهاتفية فقط ؟؟ لا يستطيع أحد أن يأتي لتقديم العزاء في المنزل بسبب الوباء خوفا من اللمس أو الاختلاط ؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ..
رمضان على الأبواب ( بعد أسبوعيْن إن شاء الله تعالى) فاللهم تجاوز عنا ما أسلفنا من ذنوب وآثام ومعاصي ، اللهم ارفع عنا هذا البلاء وهذا الوباء ، وافتح في وجوهنا أبواب المساجد واعف عنا واغفر لنا يا رب العالمين .. اللهم بلغنا رمضان تائبين إليك توبة نصوحاً إنك مجيب الدعاء ..
عندما يؤذن لصلاة الفجر فأمامك خياريْن : إمَّا أن تبقى نائماً لتُكْمل أحلامَك أو أن تستيْقظ لتُحَقِّقَ أحلامك.. – دمتم بود –