الأديبة إخلاص فرنسيس
من أكمامِ البحرِ خرجَ الموتُ
ناراً تحرقُ الأرضَ
تجفِّفُ ينابيعَ الحياةِ
تملأُ السّماءِ بأشلاءِ
القمحِ المجبولِ من دمِ الأطفالِ
وعرائسُ البحارِ تتساقطُ كالمرمرِ
من ثريّاتِ الغيمِ الملوّنةِ
الصريرُ يتدفّقُ حمماً
تشوي الأجسادَ العاريةَ
تسحبُ الأرواحَ منها
يقتسمون ثوبَ الأرجوانِ
وعلى الأرزِ يلقونَ قرعةً
صورٌ تعضُّ على الشفقِ
تغصُّ بأسماء شقّقها الأنينُ
أفرغوا الشّواطئَ من بلورِها
زرعوها بكاءَ أمٍّ ثكلى
سرقوا الدفءَ من قلبِها
ونرجسٌ من وجعٍ حولَه يرقصُ
مذعورةٌ الفراشاتُ،
مشلولةٌ ألوانُها
وعصافيرُ كان المدى ملعبَها
نحيبٌ يقرضُ فرحَها
صرخةُ جرحٍ وانتحابُ دمٍ
من يقشّرُ عنها وجعَها
من يسلخُ عنها رمادَها
على الأرصفةِ وعلى زوايا الشّوارعِ
شيخٌ يجمعُ ذكرياتِ الحبقِ
وفوقَ الغمامِ وجوهٌ شاردةٌ
تطلُّ فوقَ مسقطِ الموتِ
تحملقُ في أرضٍ مطهّرةٍ بالنّارِ
تقطرُ دمعَ الأزهارِ
تزرعُ قمراً، وتشتلُ طفلاً
وتسيلُ نحوَ أرضِ أجدادي
ينحسرُ الدّجى
والليلُ الطويلُ ينقشعُ
لا تموتُ
لا تحترقُ بيروتُ
تشعُّ عاشقةً مشتعلةً
في البدءِ كانَتْ بيروتُ
وستبقى
لا بيروت بعد بيروت