بقلم: فـريد زمكحل
تجريف عقل المواطن المصري للحد الأقصى الذي يسمح للأجهزة الرسمية للدولة بالسيطرة عليه والتحكم فيه بات ظاهرة عاكسة كاشفة لحجم الجهل والتخلف المنتشر في مصر بجانب الفساد والبلطجة التي باتت تؤرق المجتمع وتظهره الأعمال الفنية المقدمة على الشاشتين الكبيرة والصغيرة بشكل واضح وفاضح، يؤكد على أن مصر الخمسينيات والستينيات قد توفاها الله بكل ما كانت تحمله من قيم ومبادئ وأخلاقيات على جميع المستويات.
نعم مصر التي أعرفها وعرفها غيري مثلما عرفتها لم تعد موجودة بموافقة الدولة ورعايتها، الأمر الذي لم يعد مقبولاً بأي شكل من الأشكال.
نعم مصر باتت موزعة بين طبقتين: طبقة أصحاب الجاه والنفوذ والسلطان وطبقة البلطجية الذين يُخدِّمون على مصالح أصحاب النفوذ الكثيرة من سياسية وأمنية ومالية إلى آخره.
نعم هذه هي الحقيقة بدون رتوش التي تؤكد بأننا نتجه إلى الهاوية بسرعة الصاروخ في ظل غياب حكومة مصطفى مدبولي عن القيام بالدور التصحيحي المطلوب وافتقرها للجُرأة والخبرة في إدارة كل الملفات الداخلية والخارجية المتعلقة بحياة ومستقبل المواطنين، وباتت تتعامل معها معاملة العصابات المنظمة بدلاً من حكومة مشكلة لرعاية مصالح الوطن والمواطن وسط الغياب المفروض بالقوة على السلطة القضائية ورجال القانون والدور المنوط لمجلسي الشعب والشورى القيام به في هذا الصدد بعد تكميم الأفواه والأقلام الشريفة واستبدالها بالمطبلتية والمهللين للسيد الرئيس وحكومته الموقرة، الأمر الذي بات يؤكد للمتابعين للشأن المصري العام خطورة الموقف العام للدولة المصرية التي قفزت وتجاوزت ديونها الخارجية مبلغ 125 مليار دولار دون وجود من يسأل للقدرة الفائقة لمَّن يستطيع الإجابة على تكميم الأفواه والإطاحة بكل منّ يفكر أو يتجرأ على القيام بهذا، الأمر الذي يدفعني لسؤال الرئيس السيسي كيف والدين الخارجي العام للدولة المصرية بهذا القدر المخيف والمزعج أعلنت عن تبرع مصر بنصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة في ظل هذا الوضع الصعب الذي لا يعاني منه سوى البسطاء، وهم الأغلبية من أبناء مصر، بينما لم تقم بذلك كل دول النفط العربية الغنية في المنطقة اعتراضي هنا ليس على الفكرة وإنما للوضع الاقتصادي الصعب وأنت أول منَّ قلت على الملأ وعلى الهواء مباشرة بأن «مصر دولة فقيرة وفقيرة قوي كمان»، الأمر غير المفهوم ويفتقد للوضوح ويتطلب منك الرد وتوضيح أسبابه وأبعاده للشعب المصري يا سيادة الرئيس بعيداً عن الشعارات الواهية المستهلكة من الاعتبارات الوطنية ودور مصر القيادي والعروبي المزعوم الذي ثبت باليقين عدم جدواه وفشله في إيجاد أي حل عربي أو أفريقي، إقليمي أو دولي، للحفاظ على أمن مصر المائي وحقوقنا المشروعة في مياه نهر النيل العظيم منذ الآف السنين، الأمر الذي يهدد بالقضاء على كل أشكال الحياة في مصر بصورة جادة وفعلية، الذي دون تدفقه الفقر المضجع والموت المحقق، ما يتطلب في تقديري لقرار حاسم لابد وأن يكون مصرياً خالصاً مهما كانت النتائج والعواقب التي لن تكون الأسوأ عما ينتظرنا إذا قبلنا بالوضع الراهن ولم نقم بالدفاع عن حقنا في الحياة والأمن والاستقرار … لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ونحن معك وخلفك إذا عزمت وأقدمت والله ولي التوفيق وتحيا مصر…