بقلم : ﭽاكلين جرجس
قال عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينج : “ إنها مضيعة للوقت أن أكون غاضبًا بشأن إعاقتي، فعلى الشخص أن يكمل حياته وهذا ما قمت به، وتذكر دائماً أن تنظر إلى أعلى حيث النجوم لا إلى أسفل قدميك” .. تذكرت تلك الكلمات بحلول الذكرى الثانية لتدشين أول دليل متحفي على مستوى مصر والعالم بطريقة “ برايل” للمكفوفين فى عام 2019 بمتحف “ جاير آندرسون” أو بيت الكريتلية الذى يقع في شارع أحمد بن طولون في حي السيدة زينب ، يُعد المتحف من الآثار الإسلامية النادرة المنتمية إلى العصر المملوكي و يتكون من بيتين بيت محمد بن الحاج سالم ، وبيت السيدة آمنة بنت سالم ، و كما هو معلوم أن مصر تمتلك ست مواقع تاريخية هامة ،و لدينا إحدى عجائب الدنيا الإهرامات الثلاثة بالإضافة إلى العديد من المتاحف الآثرية ؛ لكن للأسف ظل تاريخ اجدادنا مجهول حتى وقت قريب لآلاف المكفوفين داخل و خارج مصر ،مما أهدر طاقة سياحية و استثمارية مهولة عن دون قصد ،كانت كفيلة بجلب 11 مليار دولار على مستوى العالم، بينما كان نصيب مصر 300 مليون دولار فقط .
فبالرغم من إنشاء المسار الخاص بالمكفوفين الذى افتتحه وزير الآثارفى عام 2019 و ضم 12 قطعة أثرية تنتمي لمختلف عصور الحضارة المصرية القديمة، و تدريب بعض أمناء المتاحف ومرشدين عن كيفية إرشاد المكفوفين داخل المتاحف ،و توفير بطاقات شرح للقطع الأثرية بلغة برايل ، وإيجاد أجهزة صوتية ،كذلك السماح للأكفاء بلمس بعض القطع الآثرية لسهولة التعرف على الآثر وشرح تفاصيل القطعة .
لازالت متاحفنا تحتاج أن تجدد أسلوبها وخطابها لتستقطب فئات جديدة من الزائرين ؛ فلماذا لا يتم تعميم تجربة الشقيقة تونس فى جميع متاحف مصر ؟! ،حين قامت وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بتنفيذ مشروعها بالمتحف الوطني بباردو لتعريف الأكفاء بمكونات المتحف من لوحات فسيفسائية ومنحوتات رومانية عبر تطبيقات قابلة للتحميل بصفة مجانية بثلاث لغات (العربية والانجليزية والفرنسية) علاوة على لغة برايل،وذلك باستعمال تقنية “ الواقع المعزّز “ وتقنية “الزيارة الافتراضية”…؛ أما الهدف الثانى عمل مسح وتصميم وطباعة القطع الأثرية الموجودة ضمن التطبيق بتقنية ثلاثية الأبعاد، ووضع المجسمات مشفوعة بالبيانات العلمية المكتوبة بلغة البرايل حول القطع الأثرية الموجودة في قاعة قرطاج.
فحتى الأن فكرة “سياحة المكفوفين” تتطلب بذل مزيد من المجهودات و تهيئة المناخ لتنفيذها بدقة ، فهناك عدة أمور يجب أن تؤخذ فى الاعتبار و يتم العمل عليها داخل المعابد و المتاحف حيث لا توجد تقسيمات هندسية مخصصة للمعاقين، فكيف تتم زيارة معاق أو كفيف داخل مقبرة؟ ولا توجد إرشادات بلغة البرايل أو مواد صوتية، فضلاً عن أن وسائل المواصلات خارج و داخل مناطق الآثارغير مجهزة لإصطحاب المكفوفين، و عليه أدعو المؤسسات الوطنية تقديم الدعم السخى و مساندة الدولة فى الإرتقاء بالخدمات المقدمة لذوى الاحتياجات الخاصة داخل المتاحف المصرية ، فالمتاحف لا تحوى تماثيل وحجارة صماء بل هى ذاكرة تنبض بالحياة.