بقلم : خالد بنيصغي
في ظل أزمة “ كورونا “ سارع المغرب إلى اتخاذ عدة قرارات وتدابير هامة لحماية المواطن المغربي من هذه الجائحة التي نرجو من الله عز وجل أن يرفع عنا هذا الوباء في القريب العاجل إنه سميع مجيب .
ومن بين هذه الإجراءات اتخاذ قرار الدراسة عن بُعْد ، كما قررت الحكومة أن لا تكون هناك سنة بيضاء ، وهذا أمر جيد بالنسبة للتلاميذ والطلبة المغاربة ، لكننا سنتحدث في هذا المقال عن التعليم الخصوصي الذي لقيَ مجموعة من المشاكل والعراقيل من قبل الآباء وأولياء الأمور ، خاصة فيما يتعلق برفضهم أداء الواجب الشهري ، ونريد في هذا الكتاب أن نوضح مجموعة من الأمور حتى تتبيَّنَ الحقيقة ناصعة للجميع إن شاء الله :
. من المؤسف حقّاً أن تتعرض منظومة التعليم الخصوصي إلى هجوم شرس منذ سنوات ، وينعتها البعض بالجشع والطمع في تحقيق أرباح خيالية على حساب المواطن المغربي ، وهذا الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق ، والذي يجب معرفته في هذا الإطار هو أن أغلب المؤسسات التعليمة الخاصة تستهدف الفئة المتوسطة في البلاد ، وبالتالي تكون أثمنة الدراسة جد مناسبة إن لم نقل إنها متدنية في أحايين كثيرة ، هذه النظرة المُغرضة – وللأسف – التي رسمها البعض على جبين المغاربة تكاد تكون بهتانا وباطلا على أغلب المدارس الخصوصية ، وسيحاسب أصحابها حساباً عسيراً أمام الله عز وجل لعدم التحري وغياب البينة .
. أي مشروع كيفما كان حجمه ، ومهما كانت موارده المالية ضخمة فإنه يتطلب سنوات عديدة لا تقل عند الدارسين “ للماركوتينغ “ عن عشر سنوات ؟؟ ولو كان هذا المشروع مربحا من لحظته الأولى ، لأن الأمر يتطلب سنوات عدة لتسوية رأس المال الذي غالباً ما يكون “دَيْناً” أو “التزاماً“ مع مؤسسة “بنكية “ أو غيرها ، أو مع شخص أو عدة أشخاص ، ولسنا ندري كيف تغيب مثل هذه الحقيقة الناصعة عن عقول هذه الفئة والتي على قِلَّتِهَا حتى تزرع الفتنة وتنشر الحقائق الزائفة دون أي وازع من ضمائرها ؟؟
. إن العديد من المدارس الخصوصية تقتني وسائل النقل المدرسي بالقروض البنكية أو من أشخاص معنويين يقدمون لها بعض التسهيلات في الأداء الشهري ، وقد تصل المدة إلى خمس أو ست سنوات من الأداء بالتقسيط، وهذا طبعاً يجعل هذه المؤسسات تعيش ضغطاً ماديا ونفسيا من أجل إنهاء هذه القروض والتي تكون سبباً رئيسيا في عدم تحقيق أي ربح يذكر طيلة هذه المدة ، بل على العكس فإنها تحصي خسائر كبيرة في آخر كل سنة من هذه السنوات الخمس ، فهناك مصاريف أخرى متعددة من مثل كراء المؤسسة أو دفع قروض التمليك أو الأرض التي بنيت عليها المؤسسة إن كان الأمر يتعلق بشراء ، وهناك أيضا مصاريف تأمين النقل المرتفع الكلفة ، وتأمين التلاميذ بالمؤسسة ، وواجبات صندوق الضمان الاجتماعي ، والبنزين ، والماء والكهرباء والهاتف والأنترنت والتنظيف ، وغيرها كثير من المصاريف اليومية ، دون أن نغفل التجهيزات من طاولات ومكاتب ولعب أطفال الروض ، والإصلاحات الضرورية في المؤسسة من صباغة وصيانة …. فعن أي طمع وجشع يتحدث هؤلاء ؟؟
. إن المؤسسات الخصوصية تقدم خدمات ذات جودة عالية ( منتوج غني ومتنوع – أنشطة موازية ذات نفع مباشر للأطفال والتلاميذ – لغة فرنسية ولغة إنجليزية بدءاً من ثلاث سنوات – أطر تربوية ذات كفاءة عالية على المستوى المعرفي والشواهد الأكاديمية – تخصص في مواد التدريس بالنسبة للتلاميذ – تنوع طرق الدعم والتقويم بالنسبة للمتعثرين – تتبع مستمر للشأن التربوي والتعليمي للتلاميذ – تربية بدنية ورياضة في مستوى عالي جدا أو على الأقل في مستوى مقبول – وسائل توضيح على أعلى مستوى ….. ) ومن أجل ما تقدمه تتلقى مقابلا ماديا حلالا من الله عز وجل ، فأحسن استثمار على الإطلاق هو أن يستثمر الإنسان في تعليم أبنائه بشكل إيجابي ومريح ، وهذا ما يقوم به أغلب الآباء وأولياء الأمور في المغرب بالتحدي لكل الظروف المادية ، وينجحون في ذلك إن شاء الله تعالى ، والسؤال المطروح هو : لماذا هذا الهجوم على المدارس الخاصة في أنها تقدم منتوجاً من أجل مقابل مادي ؟؟ ثم إن الدراسة تتنوع مشاربها وأهدافها وكل أب مسؤول يختار الوجهة المناسبة لابنه أو ابنته حسب رؤيته ورغبته ومستواه المادي ، ويختار ما يناسبه عن طيب خاطر .
. لابد لنا أن نشير بكل صدق أن هناك مدارس في التعليم الخصوصي لا يهمها سوى الربح المادي ، وغالبا لا تكون لأصحابها أي علاقة بميدان التربية والتعليم ، وهذا هو الخطير في الأمر ، لكن لا يجب أن نعمم على كل المؤسسات التعليمية الخاصة ، ونجعلها كلها متهمة هذا الاتهام الباطل ؟؟
. ونختم بالتعليم عن بُعد والذي يرفض بعض الآباء وأولياء الأمور أداء الواجب الشهري فقط لأنهم لا يؤمنون إلا بالتعليم الحضوري في الأقسام ؟؟ لكن ما يجب أن نعلمه جميعا هو أن التعليم عن بُعد يكلف ماديا أكثر من التعليم في الفصول والأقسام ، ولذلك فالأطر التربوية في مؤسسات التعليم الخصوصي بذلت مجهودا مضاعفا من أجل إنقاذ السنة ، فالأولى بهؤلاء الآباء أداء الواجب الشهري حتى تتمكن الأطر التربوية والإدارية وكل العاملين من استخلاص أجورهم المستحقة لما يقدمونه لأبنائنا التلاميذ سواء عن بُعد ( بسبب جائحة كورونا ) أو عن قرب ثم إن أغلب المؤسسات الخصوصية ستخصص دعما متواصلا لكل الدروس بعد انجلاء الوباء إن شاء الله تعالى ، وكما لا ننسى أن الدراسة عن بعد هو اختيار للدولة المغربية ، وأن المغاربة في كل أرجاء الوطن يعملون بالتكافل فيما بينهم ، بدءا من الحكومة التي اتخذت مجموعة من التدابير لمساعدة المحتاجين وكل من فقد عمله بسبب الوباء ، فليس من المعقول أن تُستثنى الأطر التربوية العاملة في القطاع الخاص وهي تمارس عملها إلى اليوم ؟؟ فبالأداء الشهري “ المخفض “ للآباء نستطيع أن نصون كرامة العاملين في قطاع التعليم الخاص ، وبدون ذلك فإنه من المستحيل على مؤسسات التعليم الخصوصي تحمل ذلك بمفردها ، وهذه الأزمة ستزول بإذن الله عز وجل ، وبقليل من الصبر سنجتاز هذه الصعوبات وننجح في تكافلنا واحترامنا وحبنا لبعضنا البعض ..
نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل وعلينا أن نتحلى بمكارم أخلاق ديننا الحنيف وتوجيهات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولنكن إيجابيين ، ونرجو من الله جل وعلا أن يتقبل منا الصيام والقيام ، وأن يرفع عنا هذا الوباء إنه سميع مجيب .. ودمتم بود .