بقلم: خالد بنيصغي
تقوم بعض الجمعيات بالمغرب حاليا بمبادرة من أجل القراءة ، وتعمد إلى دعوة الناس للقيام بذلك في الحدائق والحافلات والأماكن العمومية .. ثم ينتهي الأمر بقراءة بعض الأسطر وتعود حليمة لعادتها القديمة ؟؟
هل تعتقدون أن القراءة ستحيى بمثل هذه المبادرات ؟؟ هذا مثير للشفقة – معذرة – لأن مثل هذه المبادرات غير مفيدة على الإطلاق بدليل أنه قد سبق هذه المبادرة مبادرات عدة من مثل القراءة في الحافلات و « الطرمواي « والقطار . دون أن تحقق أي نجاح .. بل بالعكس كانت مضيعة للمال والوقت ليس إلا .. إن الدولة المغربية لا تريد أي نجاح ثقافي لأبنائها .. لماذا ؟؟ لأن المبادرة الحقيقية يجب أن تأتي من الدولة وليس من الجمعيات مع أن ذلك قد لا يكلف الحكومة المغربية أي درهم .. الأمر سهل جدا وإليكم المبادرة الحقيقية كما هي في دولة كندا مثلا والتي نعيش فيها ، وأيضا هذه المبادرة العملية أدخلتها بالفعل إلى بلدي في مشروعي بفضل الله – مدرستي للتعليم الخصوصي – والتي لاقت نجاحا كبيرا ورضا من آباء وأولياء التلاميذ ، لكن للأسف لا يستفيد منها إلا تلاميذ هذه المؤسسة وليس كل التلاميذ المغاربة ، الأمر ببساطة هو اقتنائي لمجموعة قصصية باللغتيْن العربية والفرنسية بعدد تلاميذ كل قسم ومستوى دراسي مع احترام السن طبعا .. أي من سن الرابعة ( التعليم الأول أولي) إلى سن 11 ( السادس ابتدائي) وهكذا يتناوب التلاميذ على قراءة هذه المجموعة القصصية التي تبدأ في شهر أكتوبر وتنتهي في أواخر شهر مايو من كل سنة .. طبعا تحت إشراف المدرسين والإدارة التربوية ..
الأهداف المتحققة
– قراءة كل تلميذ ما لايقل عن 20 قصة باللغة العربية ومثلها باللغة الفرنسية أي ما مجموعه 40 قصة كحد أدنى في السنة الدراسية . ..
– اكتساب التلميذ مهارات التخيل وفن الكتابة وجمال الأسلوب ، وسلامة اللغة
– تآلف الطفل-التلميذ مع القراءة حتى تصبح قطعة منه لا يستطيع الاستغناء عنها ، ومن ثمة انطلاقته نحو التوسع في قراءة المجالات التي يميل إليها بشكل أعمق عندما يكبر سواء في الأدب بكل أنواعه ولغاته أو العلوم الرياضية والفيزيائية …. وهذا ما أراه وألمسه شخصيا عند الكنديين الذين يقرؤون في كل مكان وزمان وبكل فئاتهم العمرية
– بالنسبة للأطفال في سن الرابعة والخامسة والذين لا يعرفون القراءة والكتابة فإننا نطلب هذا الأمر من آبائهم وأوليائهم فيما يكتفي الأطفال بالتمتع عن طريق مشاهدة الصور والاستماع إلى حكي الآباء أوأولياء أمورهم
وهناك أهداف كثيرة تتحقق بفضل الله تعالى يضيق المجال لذكرها ..
واجب الدولة المغربية في تثقيف أبنائها
على الدولة إذن تخصيص ميزانية عادية جدا وليست مكلفة ، وهي توفير القصص بعدد التلاميذ والأطفال – هذا هو الأصل والواجب – وهو أفضل بكثير من إهدار المال في مهرجانات الرقص والغناء والمجون من مثل « موازين « ومهرجان الضحك بمراكش وغيرها والتي تكلف الملايير باسم وزارة الثقافة .. فأي ثقافة هذه ؟ الثقافة هي الكتاب سادتي الكرام ..
وإذا عبرت الدولة عن عجزها عن تخصيص ميزانية بسيطة لأبنائها بما يفيدهم ، فكما قلت سابقا فلا عليها من شيء ولن نطالبها بدرهم واحد ، لأن المغاربة اعتادوا على التكافل والتآزر بينهم ، لذلك فهم مطالبون بدفع هذا المبلغ البسيط من جيوبهم ( 10 دراهم إلى 30 درهم حسب سن ومستوى الكتاب أو القصة ) ولكن سيكون دفع هذا المبلغ مرتين أو ثلاث مرات فقط في كل الحياة الدراسية ، فالمرة الأولى كافية للحصول على العدد المناسب من الكتب لعدد التلاميذ ( كل مؤسسة تعليمية تقوم بشراء الكتب المناسبة لتلاميذها ) أما معاودة مطالبة التلاميذ في المرة الثانية أو الثالثة فسيكون المبلغ أقل بكثير لأن الهدف منه هو تعويض الكتب التي ستضيع بسبب الإهمال أو التمزق أو التقادم ، ويمكن أن تتدخل الجمعيات والوداديات وكل هيئات المجتمع المدني للمساعدة ماديا ومعنويا لهذا المشروع .. والذي يعتبر بحق هو المشروع الناجح للنهوض ليس فقط بالمغرب والمغاربة بل وبالأمة العربية جمعاء.. ودمتم بود