بقلم: تيماء الجيوش
تحدث الهجرة و اللجوء لأسباب متعددة منها عدم مساواة، لاديمقراطية الأنظمة ، عدم التوازن السكني، التغييرات المناخية ، العامل الاقتصادي ، الأمني، الاجتماعي، الديني و تتزايد وتيرتهم أحياناً لتعود و تنخفض في أوقات اخرى. الأعوام الاخيرة كانت أعداد المهاجرينً ٢٥٨ مليون و اللاجئين تتصاعد أرقامهم فيها حيث قاربت ٦٨ مليون شخص . اللجوء تحديداً اتسعت دائرته و تبعاً لأسبابه بات خطه الزمني يمتد لعددٍ اكبر من السنين وهكذا.
للتمييز ما بين لاجئٍ و مهاجر فان تعريف كليهما من الإفادة بمكان . فاللاجئون هم من يغادروا وطنهم الام طلباً للحماية خوفا من الاضطهاد أو التنكيل أو القتل لتبنيهم آراء سياسية او دينية وبهذا فالحماية هي صفة قانونية.
بينما المهاجرون هم من يغادروا وطنهم الام يتجاوزون الحدود الدولية بصرف النظر عن وضعهم القانوني و بقصد الاستقرار في موطنٍ جديد و بشكلٍ دائم و نهائي.
و لعل اعلان نيويورك New York declaration for refugees and migrants in 2016. للعام ٢٠١٦ الذي أكد على أهمية حماية اللاجئين و المهاجرين و توفير الاليات الدولية اللازمة و المرافقة لتعهد الدول بهذا الخصوص كان اللبنة الاولى لما لحقه من إعلانين هامين في العام ٢٠١٨ اولهما هو الميثاق العالمي بشأن اللاجئين و ثانيهما هو الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة وThe adoption of a migration pact هو اتفاق دولي غير ملزم قانوناً يعكس القيم الانسانية و احترام حقوق الإنسان وعدم التمييز، و يعمل من اجل الوصول الى إطار عملٍ عالميٍ مشترك يهدف للاستفادة القصوى من المهاجرين و استثمار إمكاناتهم الانسانية و الثقافية و الاقتصادية .
تبرز أهميته القانونية للاتفاق من بحثه لكافة ابعاد الهجرة و للباحثين و ذوي الاختصاص من الوهلة الاولى يُلحظ هذا التكامل فيما بينهما و كيف لا و قد أصبح رائجاً الاتجار بالأشخاص و التهريب و الموت الجماعي على ضفاف المتوسط في ظل نقصٍ فادحٍ في المعلومات و التحليل الموضوعي وهجرة التسامح في أحياناً كثيرة عند التعاطي مع موضوع اللاجئين الذي ذهب الى منعطفاتٍ معيبة و تخترق حقوق الانسان بل ان الكثير من قدم العون للاجئين بات ملاحقاً قانونياً امام المؤسسات القانونية الدولية.
أقف هنا وانعطف بالحديث عن المرأة المهاجرة و اللاجئة. الهجرة تغيير جذري في حياة الأفراد . المرأة المهاجرة تغادر وطنها الام متجهةً نحو وطنٍ جديد تقف على أعتابه و لها احلامٌ عامرة بحياةٍ تزخرُ بكرامةٍ و حقوقٍ غير مجتزئة او منتهكة. تتلمس الخطى كي تنخرط مع الآخرين و تستثمر ما لديها من إمكانات تُفّعل من مشاركتها في مجتمعها الجديد. تبرز العقبات الواحدة تلو الاخرى تبدأ باللغة التي هي بوابة لاستثمار خبرات المرأة و طاقاتها.. لو دققنا اكثر سيبرز رقماً لا يُستهان به من نسبة النساء المهاجرات هنّ متعلمات و من ذوات الخبرات العلمية. الكثير من النساء العربيات في اوروبا و أمريكا الشمالية على سبيل المثال هنّ من حملة الشهادات الجامعية و اختصاصات طبية و علمية و ادبية و العديد منهن استطعن كسر الطوق و تحقيق إنجازاتٍ مهنية مهمة. الحلقة الثانية تتمثل في ثقافةٍ معينة تستدعي ان المرأة في حلها و ترحالها هي اداة او وسيلة و ليست فرداً كاملة الحقوق و الواجبات و الاكثر من ذلك تدفع المرأة اثماناً ثقافية باهظة تُثقلُ على كاهلها الضعف. تبدأ من انها لا تتمتع بأية خصوصية في بعض الاحيان و تمتد لإطلاق أحكام مُسبقة ضدها في إطار دائرتها الثقافية او الاجتماعية بالذات في احيانٍ اخرى كثيرة.
المرأة اللاجئة لها نصيبٌ من القضايا ما هي ادق و أعمق فهي من هربت من ارهاب او حرب او نظام شمولي و هي بذات الوقت تفر من عنف عائلي ، جرائم شرف ، و تمييزٍ قائم على جنسها و زواج قسري و طلاق تعسفي. حزمةً بأكملها حملتها المرأة على عاتقها لتضاعف من عنائها غير المسبوق و المبرر سلفاً ثقافياً و اجتماعياً.
و استطراداً و انتقالاً من العام الى الخاص فان ما يلي و ما يواجه المرأة المهاجرة حزمة من المشاكل القانونية في بلد الاغتراب من حيث وضعها القانوني الجديد الى كيفية التعاطي مع قضايا تنضوي تحت إطار القانون المدني، الجزائي ، الاداري، التجاري، الجنسية ، عنف ضد المرأة، قانون الأحوال الشخصية ان كانت طلاقاً، تفريقاً، حضانةً، وصايةً، إرثاً، ولايةً، إثبات نسب الأطفال ، النفقة الزوجية . عادةً وطئُ هذه القضايا على الأسر لا سيما النساء يكون مترافقاً مع ضغوطٍ و صعوباتٍ كثيرة. غالباً في عملي في المحاماة يغلب الطابع الشخصي/ المدني على أسئلة النساء الراغبات في الاستشارة القانونية . ليس مُستغرباً و لا مُستبعداً هذا الامر فهذا يحدث في أية حلقة مجتمعية و لا يعرف حدوداً و هو أساساً نتاج علاقات و تفاعل اجتماعي و شخصي.
في ظل هذا كله ماذا تعني للنساء المهاجرات و اللاجئات هذه المعاهدة The adoption of a migration pactمن اهم أهدافه هو التعاون الدولي و تشارك المسؤولية و الواجبات لحماية المهاجرين و اللاجئين . كما يتم اعتماد سياسات دولية بقدر ما هي عادلة للدول المضيفة والمستقبلية إلا انها أيضاً اكثر وضوحاً من حيث احترام حقوق الانسان للاجئين والمهاجرين بالمجمل هذه الاتفاقية أولويتها هو تعاونٌ ما بين الدول لتسهيل حركة آمنة ومنظمة للاجئين و المهاجرين.
تم الاعلان عن هذه الاتفاقية غير الملزمة في اليوم العالمي لحقوق الانسان ١٠ ديسمبر ٢٠١٨ . من خلالها سيكرس احتراماً لحقوق الانسان عبر احترام اللاجئ و المهاجر و عدم التمييز . و بيت القصيد هنا احترام حقوق الانسان للاجئ / اللاجئة و المهاجر / المهاجرة و استثمار لقدراتهم وإمكانياتهم و حفظ كرامتهم نحن احوج ما نكون اليها. ما احوجنا الى مزيدٍ من احترام حقوق الانسان.