مكتب سوريا / أحمد العاني
يواصل الجيش السوري وحلفاؤه الحشد والتجهيز لمرحلة «حاسمة» من العمليّات العسكريّة في حلب. وتفيد المُعطيات بأنّ الاستعدادات العسكريّة أُنجزت وباتت خطوط النار في انتظار «أمر عمليّات» يبقى مرهوناً بتقديرات الأجهزة السوريّة للموقف السياسي على وجه الخصوص
حلب | جبهاتُ حلب على موعدٍ مع جولةٍ جديدة من المتوقّع أن تفوقَ كلّ ما سبقَها من مراحل «معركة حلب الكبرى»، والتي أدّت حتّى الآن إلى قلب موازين القوى بشكلٍ جذري لمصلحة الجيش السوري وحلفائه. وخلال الفترة الماضية عكفت غرف العمليّات العسكريّة على استكمالِ المعطيات اللازمة، في انتظار الساعة الصفر لفتح معارك متزامنةٍ على محاور عدّة تتوّج ما تمّ إنجازُه في المراحل السابقة.
ولا يقلّ حجمُ الاستعدادات عن تلكَ التي شهدتها عاصمة الشمال قبل فتح معركتها الكبرى في منتصفَ تشرين الأوّل الماضي («الأخبار»، العدد 2716). وعلاوةً على استقدام مجموعاتِ نُخبةٍ جديدة إلى محوري المعارك المُنتظرة (شرقاً وغرباً)، تمّ رفدُ عتاد الجيش بأسلحة ثقيلة وآليات إضافيّة. في الريف الشرقي، وكما كانَ متوقّعاً، أعيدَ تأهيلُ مطار كويرس العسكري الذي كُسر حصارُه في العاشر من تشرين الثاني («الأخبار»، العدد 2738)، ليصبحَ في زمنٍ قياسي واحدةً من أشد القواعد العسكريّة جاهزيّة، ويتحوّل إلى منطقة حشد عالية الإمكانات. كذلك أتاحَت القضماتُ المتتاليةُ انطلاقاً من كويرس توفير مناطق تجمّع وتشكيلٍ قريبةٍ من مدينة الباب، أبرز معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية» في الريف الحلبي. وعلى نحوٍ مُماثلٍ، تمّ رفدُ وتعزيزُ القوّات والعتاد في منطقة جبل عزّان (الريف الجنوبي)، والتي لعبَت دوراً أساسيّاً في معارك الريف الجنوبي برمّته. وكما تعاملَ الجيشُ وحلفاؤه في المراحل الماضية مع الريفين الشرقي والجنوبي بوصفهما مسرحَ عمليات واحداً منقسماً إلى جبهتين، من المُنتظر أن يُزامِنَ في المرحلة القادمةِ معارك الجبهتين الشماليّة الشرقيّة والشماليّة الغربيّة، اللتين باتتا أشدّ ارتباطاً بفعل عواملَ ميدانيّة، وأخرى تكتيكيّة، على الرّغم من أن الجبهتين متباعدتان، وأنّ الجيش وحلفاءَه يواجهونَ على كلٍّ منهما طرفاً منفرداً بذاته، بالمعنى العسكري («داعش» شرقاً، و«جيش الفتح» غرباً). في المقابل، ترزح المجموعات المسلّحة في معظم جبهات حلب تحت ضغط عوامل سلبية عدة، على رأسها انهيار الروح القتاليّة لدى قسم كبير من المسلّحين بفعل التراجع المستمر، يتساوى في ذلك «داعش» و«جيش الفتح». كذلك، يشتكي الأخير من «تقاعس الداعمين»، ويقول مصدر من داخله لـ«الأخبار» إنّ «النقص في السلاح النوعي بات هائلاً. لقد قطعوا عنّا إمدادات التاو». وضمن هذا السياق جاءت الأنباء الأخيرة عن اعتزام «حركة نور الدين زنكي» الانسحاب من معظم الجبهات، بسبب «ضعف التمويل والتسليح».
«الطوق» قريباً؟
الساعة الصفر للعمليّات سيكون من شأنها متى دقّت أن تضعَ إنجاز «طوق حلب» موضع التنفيذ هذه المرّة. وكانَت آخرُ محاولةٍ في هذا السياق قد أفضَت إلى تمترس الجيش في باشكوي (ريف حلب الشمالي) وفشل إحكام الطوق الذي يهدف في الدرجة الأولى إلى عزل المسلّحين المتمركزين في أحياء حلب الشرقيّة («الأخبار»، العدد 2524). وكانَ واضحاً أنّ القرار الذي اتّخذ منذ تلك المعركة ينصّ على عدم تكرار محاولة فرض الطوق من دون أن يكونَ نجاحه أمراً محسوماً. وخلال الشهور الأخيرة الماضية تبدّلت المعطيات الميدانيّة بشكلٍ جذري، وأفلح الجيش وحلفاؤه في إلحاق خسائر متتاليةٍ بالمجموعات وفي الوصول إلى تخوم خان العسل (الريف الغربي). وتبدو مناطق كفر حمرة، المنصورة، كفر داعل، وبابيص هدفاً أساسيّاً لعمليات جديدة يشنّها الجيش وحلفاؤه، تُكمل عمليات مماثلة عبر محور باشكوي، بغيةَ فرض الطوق الموعود.
معركة الباب مفصليّة
تحظى معركة الباب بأهميّة خاصّة لا تنبُعُ من رمزيّتها بوصفها أكبر معاقل «داعش» في ريف حلب، ومن أهميّتها لجهة الاقتراب من الرقّة «عاصمة التنظيم» فحسب، بل تتعدّاها إلى دور السيطرةِ عليها في تعزيز قدرات الجيش وحلفائه على الجبهة المقابلة (الريف الشمالي الغربي). فنجاح الجيش السوري في السيطرة على الباب سيؤدّي إلى توقّف عمليات «تجارة النفط البينيّة» المستمرّة بين «داعش» وباقي المجموعات المسلحة، وهي عملياتٌ لم تتوقّف رغم أنّ الطرفين يخوضان نزاعاتٍ مستمرّة في الريف الشّمالي على وجه الخصوص. وتعتمدُ مجموعاتُ «جيش الفتح»، وعلى رأسها «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلامية»، على المشتقات النفطيّة القادمة من مناطق سيطرة «داعش» اعتماداً شبهَ كليّ لتأمين الوقود اللازم لآليّاتها العسكريّة. ولا يبدو تعويضُ انقطاع هذه المشتقات (في حال نجاح الجيش في السيطرة على المدينة) بوارداتٍ بديلةٍ عبر الحدود التركيةبالامر السهل كون هذه الواردات كانت تشكل اهم الروافد الداعمة ماديا لتلك الجماعات المسلحة فهل بانتهاء الرافد الاقتصادي لتلك المجموعات ينتهي تواجدها