بقلم : أمال مذهر
يحكى أن في احدى المدن أصدقاء لمراحل سنين الدراسة الثانوية والجامعية كانوا مقربين من بعضهم البعض وفي يوم أختلف الأصدقاء في وجهات نظرهم في ميولهم السياسية وكل منهم أخذ موقفاً حيال قناعتهم، وانصرفوا كل في سبيله، لكنهم في أعماقهم لم يرغبوا بذلك.
بعد مرور عشر سنوات عادوا والتقوا إذ ان عُرى الصداقة لم تفارقهم وكل فرد منهم يسأل، أين أصدقاء العمر والوفاء والإخلاص لسنين جمعتهم؟ وكانت أجمل ساعات العمر على مقاعد الدراسة وأيام الجامعة! ومع الأيام التقى سامر بزميله فادي يستفسر عن بقية الأصدقاء وتفقد بعضهم البعض. وبدأوا بالتواصل من جديد وفي نفوسهم الرغبة لتجديد الصداقة الوفية وعندما التقوا تساءلوا عن احوال صديقهم وائل وما أحواله! فرد خالد انه فقد الكثير من حيويته ونشاطه السابق إذ التقى به في إحدى الأيام ووجده نحيل القامة ووضعه الصحي لا يساعده على العمل بعد أن كان موظفاً نشيطاً فقد وظيفته بسبب حالته الصحية، متزوج ولم يرزق بأولاد.
كان في وضع لا يحسد عليه يتسكع في الشوارع، فقرر الجميع الالتقاء في مطعم قريب وتحدثوا وقرروا مساعدته كلٌ حسب قدرته دون أن يخدشوا مشاعره وكبريائه، ونحن في طريقنا الى المطعم رأيناه منتظرا الحافلة لتنقله الى داره، التفت نحونا بابتسامة الأمل متسائلا! كيف أموركم يا أصدقاء العمر وما أدراكم عن وجودي بهذا المكان؟ اجابه الصديق علاء مختصرا نحن هنا اتفقنا أن نتناول العشاء وأن تتجدد في قلوبنا المحبة والإخلاص لوفاء السنين وما عليك سوى مرافقتنا وسنفرح بحضورك الغالي ونتبادل الأحاديث ونطمئن على أحوالنا بعد هذا الغياب الطويل ، رافقنا ونفسه انفرجت بابتسامة صفراء مخفية لئلا تزعج الرفاق، ابتدأ كل فرد يسرد ما عنده من اخبار ،احمد تخرج وحصل على وظيفة في الدولة بعد أن نجح في المنافسة بترتيب جيد من بين المتقدمين وحاز على منصب في وزارة الخارجية، أما عماد التحق مع عمه في مؤسسته لإنشاء مشاريع بناء ناجحة، أما خالد بعد وفاة والده أكمل الطريق في إدارة الشركة المعروفة لمنتوجات الملابس الداخلية.
حان وقت تناول الوجبة الغذائية وهم في سعادة كاملة بأخبارهم، كلٌ منهم في نفسه مبدأ الوفاء ومساعدة زميلهم الذي قضى عليه الدهر بما يستطيع القيام به دون التأثير على صحته، متوجهين بالحديث الى زميلهم وائل متسائلين هل بإمكانك العمل (كمراقب) في مؤسستنا؟ ام ترغب تعيينك في الشركة بصفة (حاجب) فالتفت وعيونه تدمع من الفرح وخيارين معروضين عليه بسبب حالته الصحية وبما يتناسب ووضعه. فوافق على العرض شاكرا لهم ما قدموه له من مساعدة لا ينساها، متمنيا للجميع التوفيق.
أما المفاجئة الثانية لوائل كانت سلفة مادية تساعده على ترتيب أوضاعه لحين التحاقه في عمله الجديد في الشركة بصفة حاجب عند صديقه خالد.
انصرفوا مودعين بعضهم البعض تملأ قلوبهم السعادة وفي ذاكرتهم حكمة (الصديق وقت الضيق) الصديق هو عنوان الوفاء والمحبة الخالدة …..