بقلم: سليم خليل
إنه المواطن اللاجىء الإيراني مهران كريمي ناصري الذي ألهمت قصته المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ في كتابة وإخراج فيلم لاجىء المطار والذي مثله الممثل الشهير توم هانكس عام ٢٠٠٤ .
أعلنت خبر وفاته صحيفة الأسوسياتد برس البريطانية يوم١٢ نوفمبر الحالي ٢٠٢٢ – في مطار شارل ديغول في باريس فرنسا حيث عاش بدون أوراق ثبوتية تثبت شخصيته سنين طويلة من الزمن منذ ١٩٨٨ ولغاية ٢٠٠٦.
ولد عام ١٩٤٥ من والد إيراني ووالدة بريطانية في مقاطعة سليمان في إيران التي كانت مستعمرة بريطانية ؛ ذهب إلى إنكلترا للدراسة عام ١٩٧٤؛ وعاد إلى إيران بعد تخرجه من الجامعة؛ شارك في مظاهرات ضد حكم الشاه وأعتقل وسجن ثم نفي إلى خارج البلاد بدون جواز سفر .
قدم طلبات إقامة في عدة بلدان أوروبيه ولم يحصل على موافقة ولاحقا وافقت منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بلجيكا وحصل على وثيقة لاجىء .
لاحقه سوء الحظ في باريس العاصمة الفرنسية حيث كان يتنقل في القطار وانتشل سارق حقيبته المحتوية على أوراق ثبوتية كلاجىء سياسي في أوروبا . إعتفلته الشرطة الفرنسية ولم تستطع ترحيله إلى أي بلد آخر لآنه لا يحمل هوية شخصية ولأنه لم يرتكب جريمة . أخيرا ذهب إلى مطار شارل ديغول حيث لا رقابة شديدة بسبب دخول وخروج مئات المسافرين كل لحظة؛ هناك وبين المسافرين إستعمل مقاعد الإنتظار لينام واستعمل تسهيلات الإستراحة ويأكل من المطاعم سنين عديدة حيث استطاع شرح قضيته إلى موظفي المطار الذين تساهلوا معه وعاملوه بشفقة وأحيانا ساعدوه في حدود أمكانياتهم .
بعض الأطباء الذين شاهدوه في المطار في ترحالهم تبرعوا بمعاينته وفحصه للحفاظ على نشاطه في هذه الإقامة المغلقة – لا شبابيك ولا هواء طلق – وزودوه بما يحتاج من فيتامينات وأدوية ليستمر نشيطا في إقامته المحدودة .
في هذه الأثناء صدرت تعليمات في أوروبا لمنع اللجوء والهجرة الغير نظامية وأجبر على البقاء في المنطقة الحرة في المطار حيث وجد معاملة إنسانية . في آخر التسعينات بلًغه رجال الأمن أن أوراق ثبوتية شخصية جاهزة وعليه الذهاب إلى مكاتب الأمن ليوقع ويستلم وثيقة إقامة بعد سنين من إقامة جبرية إختيارية حيث أصبح موظفوا المطار شبه عائلته وأصدقائه والجميع حدثوه وقوًوا من عزيمته
وساعدوه وأمنوا له مكتبا وورق ليكتب مذكراته ؛ كما أن كثيرين من المسافرين بإستمرار في مهمات كانوا يلقون عليه التحية ويعرضون المساعدة .
تردد في استلام أوراقه الثبوتية لكن أجبرته شرطة باريس ليخرج ويستلم وثيقة الإقامة . شعر أنه ضائع في جو الحرية في باريس بعد سنين من الإقامة المحدودة مثله مثل المساجبن الذين يخلى سبيلهم بعد سنين في السجن ويجدون الحياة مختلفة تماما عن ما كانت يوم ارتكابهم الجريمة! لا عائلة ولا أصدقاء ولا حياة إجتماعية !!
بعد عدة أسابيع في الحرية الغريبة عليه قرر العودة إلى المنطقة الحرة في المطار ؛ قسم المغادرين المنتظرين انطلاق طائراتهم . رحًب به الموظفون ورجع إلى زاويته حيث أقام سنين طويلة برفقة من سهلوا له الحياة التي اختارها مجبرا في مكتب وكرسي ومقعد لراحة المغادرين .
رحل يوم ١٢ نوفمبر وخلد اسمه وقصته المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ ومثل حياته الممثل الشهير توم هانكس.