بقلم: فريد زمكحل
أخيراً وافق مجلس النواب المصري على القانون الجديد لبناء وترميم الكنائس الذي أحالته الحكومة لمجلس النواب بعد موافقة الكنائس الرئيسية الثلاث في مصر على مواد القانون الجديد المكمل لدستور سنة 2014، والذي جاء ليضمد ويعالج بعض جراح سنوات كثيرة وليصحح ولو جزئياً خطاءً دام لأكثر من 160 عاماً بالتمام والكمال، وهو ما أكد عليه وأفصح عنه قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أثناء عظته الأسبوعية مساء يوم الأربعاء الموافق 31/8 في كنيسة التجلي بمركز لوجوس البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، بعد أن أعرب عن خالص شكره للرئيس عبد الفتاح السيسي، ولرئيس وأعضاء مجلس النواب ولرئيس مجلس الوزراء وللمستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية ومجلس النواب ، على تلك الخطوة المهمة والفارقة لترسيخ روح المواطنة وارثاء قواعدها من أجل تعزيز الاستقرار من خلال هذا الاجماع الذي شهده مجلس النواب لاقرار هذا القانون، رغم اعتراضات بعض اعضاء حزب النور السلفي عليه وتعكس بوضوح بأنه لا يخرج عن كونه حزب ديني راديكالي حان الوقت للتعامل معه بالقانون بكل الجدية المطلوبة من قبل الحكومة والمجلس، لأنه يخالف أهم مواد الدستور المصري الجديد « بعدم جواز قيام احزاب سياسية على أسس دينية في جمهورية مصر العربية».
الأمر الذي لم أفهمه حتى الآن ولا أستوعب دوافعه وأسبابه الحقيقية مع وجود دستور واضح وصريح يمنع قيام أحزاب مصرية على أسس دينية، كما لا أفهم ومازلت لا أفهم أو أتفهم، مدلول الشكر البابوي للرئيس ولكل المسئولين في الدولة، بعد إقرار هذا القانون وكأنه هبة مقدمة من الحكومة لمواطنيها من المسيحيين المصريين ليس لهم فيه أي حق.
وتقديري أن صدور مثل هذا القانون من مجلس النواب المصري يؤكد على عدم شرعية وجود هذا المجلس من الأصل، وعلى عدم جدواه، لأنه بتبنيه لمواد هذا القانون المُعيب وإقراره بالأغلبية يكون قد أطاح بمفهوم المواطنة الحقيقية والحقوق المشروعة للمواطنين المصريين من أتباع الديانات السماوية الأخرى، والذي هلل له البعض وأعتبره من سماحة الاسلام ومن دلالات قبوله للآخر، وهو ما يتنافى مع الحقيقة ومع الواقع السلفي الوهابي المنتشر والمعاش في مصر بموافقة النظام والحكومة ومجلس النواب.. خاصة ولا سماحة أو تسامح مع إقرار الحقوق المشروعة لأبناء مصر من المسيحيين ولا دلالة هناك لفكرة القبول بالآخر على أنها منحة أو عطية من الدولة المسلمة لعبيدها من المسيحيين بصرف النظر عن كونهم أصحاب الأرض وأصحاب التاريخ وأحفاد الفراعنة والقدماء المصريين قبيل الفتح الإسلامي لها.
وكنت أتمنى لو أن الرئيس السيسي قد قام منذ توليه أمانة المسئولية كرئيس لمصر و»كل المصريين» بإلغاء كافة القوانين القديمة والظالمة التي تخص أو تتعلق ببناء وترميم الكنائس في مصر بقرار جمهوري يؤكد فيه إلغاء كل هذه التعديات مع توحيد قانون بناء دور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاثة بدون أي تمييز أو عنصرية، وهو ما لم يحدث للأسف ويؤكد إما على عنصرية الدولة بفصيح العبارة وإما على عدم قدرتها للتصدي والقضاء على الفكر الوهابي السلفي المتطرف والمنتشر في كل مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية، وإما على الاثنين معاً، وهو ما نشاهد ونرى نتائجه المؤسفة من حين لآخر في قرى مصر ومحافظاتها بوضوح لا يحتمل الشك، وفي صورة باتت تتهدد امننا المصري في حاضره ومستقبله سواء على المدى القريب أو البعيد.
اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد.
وكل عام ومصر وشعب مصر وشعوب العالم أجمع بخير وسلام بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات.