بقلم: خالد بكداش
أيام قليلة و يودعنا شهر الخير و العطاء .. شهر الكرم و المحبة .. شهر رمضان الكريم .. و يجب علينا في هذه الأيام القليلة أن نكون أكثر وضوحاً و صدقاً و صراحة مع أنفسنا قبل أن نكون صادقين و صريحين
و واضحين مع الغير .
و حتى أكون أكثر شفافية بما أكتبه اليوم سأنقل لكم عمق ألمي مما شاهدته في قنواتنا الفضائية و عن كيفية تناولها لأيام الشهر الفضيل .. القنوات الفضائية العربية حولت شهر رمضان إلى (( سبوبة )) تبث فيها أكبر كمية ممكنة من الإعلانات التي عجز المشاهد عن حفظ أسماء منتجاتها من كثرتها .
لقد حولت هذه القنوات الشهر الفضيل إلى موسم لتحصيل النقود و المشكلة الأكبر أن نوعية الإعلانات المقدمة ليست على المستوى الذي يخدم المشاهد و المتابع بل تحولت نوعية الإعلانات إلى فيديوهات
و أغاني متخصصة للتسول و الشحاته بطريقة فظيعة جداً جداً .
و المشكلة الأخرى أن المؤسسات العلاجية التي نفتخر بأننا نملك مثلها في دولنا العربية تحولت إلى أسوء مؤسسات على مستوى العالم في تقديس الإنسان و كرامته و ذلك عبر استغلالها للأطفال المرضى و المحتاجين لوضعهم أمام الكاميرات ليكونوا ممثلين مشهورين تملئ هذه المؤسسات خزائنها تحت غطاء حاجتهم و دعمهم .
لو أننا تساءلنا عن كلفة كل إعلان تقدمه هذه القنوات الفضائية و عن قدر المبالغ التي يتم دفعها سنويا على هذه الإعلانات الرديئة لوجدنا أن الرقم لا يمكن أن يتخيله عقل مشاهد و لأكون واضحاً أكثر فبعض القنوات الفضائية تتقاضى مبلغ يتراوح بين 10 ألاف دولار و 15 ألف دولار على كل دقيقة تبث فيها الإعلانات و أترك لكم مساحة التقدير حول عدد الدقائق التي يتم بثها يومياً على هذه الفضائيات .
المشكلة الأكبر أننا بدأنا نشاهد على هذه الفضائيات ميدان تنافسي بين المشافي الخاصة و المشافي العامة و الجمعيات الخيرية و الجمعيات (( الغير خيرية )) و غيرها من الكيانات التي ترتدي أقنعة مزيفة على أنها سبيل دعم الخير و المحتاجين .
السؤال الذي يجب أن تقوم هيئات الرقابة بالإجابة عنه هو :
أين تذهب تلك المبالغ المالية الضخمة التي يتم التبرع بها لمثل هذه المنشات ؟
و من يسمح بتبذير أموال المتبرعين لقاء حملات إعلانية لكسب المزيد من الأموال ؟
ملف اقتصادي كبير يجب أن تقوم هذه الجهات الرقابية بفتحه و لن نتفاجئ عما ستجده داخل هذا الملف .
اتقوا الله في هؤلاء المرضى و هؤلاء الأطفال ..
اتقوا الله في هذا الشهر الفضيل الذي حولتم الفضل فيه سلعة يتم المتاجرة بها.
اتقوا الله بأنفسكم و يكفي استغلالاً للأطفال المرضى و لطفولتهم البريئة .
و لجميع القراء الأعزاء كل عام و أنتم و رمضان كريم .