بقلم : كلودين كرمة
كلمة محدودة فى احرف قليلة ولكن مغزاها لا حدود له.
الاختيار هو اصعب امتحان واخطر مواجهة تتعرض
طريق كل فرد على وجه هذه الارض ومن مختلف الاعمار دون تفرقة او تمييز.
فمنذ نعومة أظافره الطفل يحتار بين الالوان وأى طعام يفضل ان يمد اليه يده وأي شخص يختاره اولا حتى يحمله او يداعبه؛ وعند ذهابه الى المدرسة يختار صديق طفولته بفطريته التامة دون الاخذ فى الاعتبار اذا كان مناسبا له ام لا ولا يطرح الاسئلة الكثيرة التى تتطلب التفكير من الاكثر نضجا ، ولكن بمشاعره الخالصة وإحساسه المرهف ونظرته البريئة يختار ويحب شخص او بالأحرى شخصية يمكن ان تكون فيما بعد صداقة تدوم طويلا، وهو ما نفخر به عندما نكبر ونطلق عليه صديق العمر…
ولكن فى نفس هذه السن يتعرض لقبول اشخاص آخرين رغما عنه مثل زملاؤه فى المدرسة او معلميه الى آخره.. ومن هنا يبدأ يشعر انه مسير وان ليس ما يختاره هو ما يتوفر لديه ويبدأ احساس غريب يتوغل داخله هو نوع من الضجر الذى ينعكس على سلوكه وردود افعاله مما يجعله يستشعر انه فى خطر وان هناك شئ ما يشعره بالحزن او عدم الارتياح وفقدان السكنية ، ونرى حينها انه اصبح عدوانيا او عنيدا او كثير البكاء لأنه فى النهاية هو طفل قليل الحيلة ولا يملك غير هذه الوسائل حتى يدافع بها عن سعادته وحقوقه التى بدأ يتأكد انها تسلب منه شيئا فشيئا.
ومع مرور السنين يتعرض الانسان الى اختيارات اصعب يتوجب عليه ان يدرس نتائجها ومدى خطورتها لأنها تعتبر قرارات مصيرية مثل اى كلية يمكنه الالتحاق بها واى وظيفة عليه ان يتقدم لها وعندئذ يدخل فى مرحلة اصعب لأنه لا يجبر فقط على تقبل امور وأوضاع تفرضها اللوائح والقوانين ، بل يجب ان يقدم ايضا الكثير من التنازلات التى لم يكن يخطر على باله يوما انه سيقوم بها ، كما يضحى بالكثير والكثير من راحته ويضطر احيانا الى تغيير بعض ملامح من شخصيته او على الاقل ان يتدرب على تبديل الاقنعة حتى ينال اخيرا ما يسعى اليه و يحيا فى هدؤ وسكنية.
ثم تأتى مرحلة اكثر جدية وهى اختيار شريك الحياة وهنا تتوقف الانفاس، لأنه يكثر من التفكير وتتزايد التساؤلات ويستشير البعيد والقريب لأنه لا يدرى ما تخبأه له الايام ..
فكل مراحل حياته فى كفة وهذه المرحلة فى كفة اخرى لأنها تعتبر محور الحياة واساسها.. فهى نبع يفيض عليه من خيراته ويخفف عنه آلامه ويداوى احزانه ويسانده فى الايام الحالكة – او هكذا ينبغى ان تكون فهى تضفى على الحياة الكثير من البهجة وتصبغها بالصبغة التى تحلو لنا وهذا يكون بمثابة حلم نسعى الى تحقيقه حتى نتمكن من خلاله ان نستعيد حقنا المسلوب منا فى حرية الاختيار.
اما اهمية هذه المرحلة تكمن فى انها تمس القلوب وتتفاعل مع المشاعر فهى تجربة فريدة رغم تكراراها و لكل انسان دوافعه وأهدافه وأفكاره وامتيازاته التى تجعل منها تجربة خاصة جدا من شأنها ان تجعل منه انساناً سعيداً وناجحاً ينعم بجمال الايام وخيراتها او تجعله انسانا بائسا يلوم نفسه على سؤ اختياره وعدم رجاحة تفكيره.
اى طريق اختار ؟ اى امر اقبله؟ اى فكر ارفضه؟
كلها اسئلة تختلف الاجابة عنها من شخص لآخر .. فواحد يتجه الى اقصى اليمين والأخر الى النقيض… المهم ان كل طريق فى النهاية يؤدى الى اسعاد صاحبه..و هذا يتطلب بالتأكيد الكثير من المعرفة والثقافة والخبرة وأراء ذوى الحكمة حتى يتفادى الانسان السقوط والتعثر ويقلل من عدد اخطائه وخطورتها فى تهديد مستقبله.