بقلم المهندس: هيثم السباعي
تذكير: ليس المقصود من هذا البحث سورية بحدودها الجغرافية الحالية لأنه يشمل ما كان يعرف بسورية الطبيعية أو بلاد الشام. بنفس الوقت لا تهدف هذه الدراسة الطويلة نسبياً إلى تخوين أواتهام أحد بالمسؤولية عن ماحدث ويحدث في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي عامة وسورية خاصة. ولكنها تهدف إلى إلقاء نظرة موضوعية عن أسباب هذه الأزمات وتطورها المستمر حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من تدهور وتفرقة وتمزق شمل جزءاً كبيراً من العالم العربي.
اعتذر عن عدم تمكني من إنهاء سلسلة المقالات هذا اليوم لأنني أدركت متأخراً أنني سأحتاج إلى مقالة أخرى على الأقل لأذكر بإختصار مصالح الدول الأخرى إلى جانب الولايات المتحدة. إذ من المعلوم أن في سورية اليوم قوات تركية وروسيه وإسرائيل تراقب عبر الحدود بعد أن توغلت في الأراضي السورية منزوعة السلاح مسافة ٨٠٠ متراً على مرأى من الجميع ونقلت سورها الحدودي إلى الموقع الجديد.
مصالح الولايات المتحده في سورية:
١. تتمتع سورية بموقع جغرافي استراتيجي له مكانة إعتبارية إسلامية وعربية مهمة ومن يقود الشرق الأوسط لابد له من السيطرة عليه. بدأت سيطرة الولايات المتحدة هذه بوقوفها وراء الإعداد والتخطيط لأول إنقلاب عسكري قام فيها وفي المنطقة عام ١٩٤٩.
٢. برأيها أن أي تغيير في سورية سيكون له إرتدادات على المنطقة، وخاصة مصالحها الإستراتيجية وفي مقدمتها أمن إسرائيل واستقرارها وانعكاسه على الجولان وفلسطين ماتعتبره الولايات المتحدة من المحرمات وبالتالي لن تسمح بقيام أي دولة ديموقراطية أو دولة مواطنه، ليس في سورية فقط ولكن في المنطقة كلها.
٣. منع انتشار الأسلحة النووية.
٤. ضمان استمرار تدفق النقط
٥. دعم الحلفاء والشركاء.
٦. برأيها بقاء الأسد يفيد النظام الإيراني الأكثر خطورة في المنطقة ولكن انتصار المتمردين سيعزز كثيراً الحكومة التركية التي تتحول بسرعة إلى حكومة مارقه ويقوي الجهاديين فاستمرار القتال يسبب ضرراً أقل للمصالح الغربية، وعملت على تأجيج صراع الشيعة والسنه والعمل على منع فوز أي طرف، واليوم السعيد برأي أحد الإنجبيليين الجدد هو الذي تحارب فيه إيران والأسد الثوار وأنقره حتى يستهلكوا بعضهم بعضا.
٧. يجب تنفيذ كل هذا دون الدخول بحرب جديدة بسبب خسارتها البشرية والمادية الكبيرة في حربي أفغانستان والعراق (حرب بالتكلفة الصفرية، حسب رأي المفكر والفيلسوف الفرنسي روچيه غارودي.)
٨. إستمرار الصراع لأطول مدة ممكنه.
٩. شكلت أو كانت وراء تشكيل الجماعات والتنظيمات الجهادية المتطرفة كجزء من إزدواجية المعايير في سياستها الخارجية، بهدف:
١٠. إستخدام الساحة السورية كفرصة سانحة لاستنزاف كافة الخصوم بدون تقديم أي خسائر.
الإجراءات التي اتخذتها تمهيداً لتحقيق أهدافها:
اتبعت الولايات المتحدة بتحقيق أهدافها السياسة الناعمة باتباع سياسة وديبلوماسية وأساليب مخابراتية تدخل جميعها في باب المشاغلة والإعلام، فالسياسة الأميريكية تقوم على مبدأ الإلهاء للحصول على أهدافها وتختاره ويتماهى مع استراتيجيتها. يمكن اختصار هذه الإجراءات بما يلي:
أ) ديبلوماسية التسويف باستخدام العقوبات ضد النظام ٢٠١١
ب) العمل على تشجيع المؤتمرات ٢٠١٢
ج) طلب توحيد المعارضة ٢٠١٣
د) الإدعاء بتدريب قوات المعارضة المعتدلة ٢٠١٤-٢٠١٥ والتي تخلت عنها بعد تحقيق الهدف من تشكيلها وعملها.
ذ) شجعت دخول الميليشيات الشيعية من لبنان والعراق وغيرهما من الموالين للولي الفقيه لخلق رد فعل سني معاكس لجذب الجهاديين وتحويل سورية إلى مركز جذب جهادي على غرار أفغانستان القرن الماضي.
الأهداف النهائية التي تسعى للوصول إليها:
١. كما أسلفنا فقد نجحت الولايات المتحدة بتحويل أهداف الثورة بعد وقت قليل من بدايتها وحولتها إلى نزاع أهلي طائفي مع تأكيدها المستمر على إستحالة الحل العسكري، أي لن يكون هناك أي منتصر.
٢. تهميش المكون الأساسي لسورية وإبعاده عن القرار السياسي بهدف إضعاف وتفكيك الدولة من خلال سعيها للترويج والتسويق الإعلامي لشبح التقسيم الذي أصبح له معطيات واضحة على أرض الواقع.
٣. إقامة نظام حكم يعتمد على التعددية القومية والطائفيه السياسية من خلال دعمها لميليشيات قوات حماية الشعب الكردية بالسيطرة والتمدد على مساحات شاسعة من شرق وشمال شرق سورية.
٤. إقامة دولة ضعيفة مفككة قائمة على المحاصصة القومية والطائفية بتوافق سياسي يستند على تطبيق ما يسمى بالديموقراطية التوافقية التي تقوم على مايلي:
١.٤. حكومة إئتلافية تجمع الأكثرية والأقليات في الدولة ولا قيمة لمن يفوز بالإنتخابات النيابية.
٢.٤. المحاصصة القومية والطائفية من خلال تطبيق مبدأ التمثيل النسبي في كل مؤسسات الدولة وليس في مجال الإنتخابات فقط بحيث يُشْغل المكان بناء على الإنتماء القومي والطائفي وليس على أساس الكفاءة.
٣.٤. حق النقض للأقليات والأكثرية بدلاً من إتخاذ القرارات بالأغلبية السياسية.
٤.٤. حق كل قومية وطائفة بإدارة نفسها.
يحتاج تطبيق هذا النوع من نظام الحكم إلى قرار مجلس الأمن وتوفير ضمانات دولية وقوة عسكرية دولية لتأمين تطبيقها
في العدد القادم سنختتم سلسلة المقالات هذه بلمحة موجزه عن مصالح تركيا وروسيا باعتبار أن مصالح إسرائيل تتولاها الولايات المتحدة وتتقاطع معه. حتى موعدنا القادم، أتمنى للجميع أسعد الأوقات.
نقلتها لكم
حتى موعدنا القادم، أتمنى للجميع أسعد الأوقات.