بقلم: كلودين كرمة
توقفت الحياة ونحن أحياء .. ومنعت ملاذتها عن مدمنيها .. أصبحنا سجناء دون محاكمة .. ولكن هل حقا نحن أبرياء؟
بالطبع لا “ليس صالحا ولا واحد” فمن منا لم يتهور يوما ما ؟ أو ظن السوء أو نوى الشر أو ضمر فى قلبه كراهية ؟
من منا لم يمنعه الكسل عن أداء واجبه من منا لم يتوانى عن عمل الواجب بل إمتنع عن مد يد المساعدة ؟’
من يستطيع ان يعمل صالحا ولا يعمل فذلك خطية له’ .. من منا لم يتوق إلى الإنتقام والأخذ بالثأر ؟ ناهيك عن الخيانة بوجوهها العديدة ، والاستهزاء بالآخرين وإدعاء المعرفة والتفاخر وكسر الخواطر والعبث بالمقدسات وإنكار القيم والتقاليد وبخس المبادئ السامية والعرف المتوارث ..إلى آخره ..
ومن المبهر والذى إعتبره الإنسان من الدهاء هو إيجاد مسميات خادعة لأبشع الجرائم حتى تخرج من تحت طائلة القانون بل ووضع قوانين لحماية مرتكبيها وتشريعات لتسهيل المحرمات والسرقات والقتل والاستغلال والاستعمار …. [ ]
فهل آن الآوان حتى يعرف كل شخص حجمه الحقيقى وماهيته وحدود قدراته وعجز إمكانياته و ضعف سلطاته ؛ الأن القوة تتساوى والضعف ، الحكمة مع الجهل ، الغنى والفقر ، الحاكم والمحكوم ، صاحب السيادة والمستكين، العظيم والحقير ؛ الكل تحت طائلة المرض والزعر والموت ..العالم أجمع بدوله ومختلف معتقداته و ممثليه الفصحاء منهم والحمقى الذين يقودونا إلى الفناء ، لا حول له ولا قوة ..إنه وقت لا القوة تفيد ولا أسطول ولا جيش يدافع ولا مال يعزز ولا مركز ولا مكانة تحمى ..وهم وقبض الريح .. ولكن الطبيعة لم تغير عاداتها ولم تنزعج ، فالشمس تشرق كل يوم فى موعدها والقمر ينير الليل كعادته والساعات تمر والأيام تتوالى أما نحن فجلوس ننتظر ومنا من يفكر ومنا من يسعى ويجتهد باحثا عن مخرج للأزمة بل وهناك من يضحى بحياته طوعا – وهذا الأخير هم خير أجناد الأرض عن حق لأنهم يحاربون الموت ، دون سلاح ودون إعتداء ودون ترهيب ، فهم.دعاة للخير والرحمة وهم.حماة الحياة وليس غيرهم. أما الذين أطلقوا العنان للمفاسد والغرائز تحت اسم الحرية واعتادوا على ممارسة الرذائل وإنتهاك الحرمات فى النهار والليل دون حياء ومن تجاسروا وعبدوا الشرير وأقاموا له معابد ومن ظلمة أفكارهم وضألة نفوسهم اسموها ‘كنائس’ !! وهم عبيد للشيطان ، لقد سلب حريتهم بإرادتهم و اصبحوا ‘عبيداً’ له وقد غيروا أذهانهم و وجوههم وملابسهم حتى يشبهوه وقد اصبحت عيونهم مرآة للشر ونظراتهم ممقوتة والكارثة إنهم لا يشعرون إنهم مجرد ‘ عبيد ‘ و مجرد آليات لتنفيذ ارادته وفد استهزأ بهم وفقدوا الوعى وأصبحوا تحت تأثير السحر ينفذون مشيئته دون مشيئة الخالق والقانون يحميهم !!! وكما قال داوود “يَتَجَوَّلُ الأَشْرَارُ أَحْرَاراً فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، عِنْدَمَا يَتَبَوَّأُ أَرَاذِلُ النَّاسِ الْمَقَامَاتِ الرَّفِيعَةَ “ مزمور ١٢ : ٨ .
فلننتبه ان كان للعمر بقية ، فان كنا استطعنا ان نخلع عنا أعمال الظلمة لمدة كافية تجعلنا نبطل إدمانها خوفا على سنين لن تطول اكثر من ٧٠ أو ٨٠ سنة ونخشى على صحة اجسادنا التى ستتحلل إلى المواد الأولية التى صنعت منها ؛ فلنعمل بالأحرى على إستحققنا للحياة الأبدية حتى نستحق الأجساد التى لا تفنى .. فلنتعقل ونعمل على الكف عن التخريب و التشويه ولنعتنى بأحبابنا ومن هم فى حاجة لاهتمامنا و لنستغل إمكانيتنا للتعمير والتحصين ولنشر الخير و لنزيد من جمال الأيام ولنحجب مآسيها ونمحى الدموع عن العيون ولنتكاتف لنحمى كوكبنا من أثار الدمار ونصير سند فى إتحادنا قوة تردع الشر ولنتخلى عن أطماعنا التى هى الدافع الأساسي الذى يهدد أمننا ويذهب بعيدا بأحلامنا وسعادتنا ويحط من انسانيتنا ويسوقنا إلى نهايات مؤسفة.