بقلم: تيماء الجيوش
التمييز ضد النساء، و عدم المساواة و العنف ضدهن الى جانب التغييب الكامل احياناً للفرص المتاحة للمرأة، هو ظاهرة تمتد على صعيد عددٍ كبير من الدول يقابلها مجموعة من الدول الديمقراطية التي قد منحت نسائها حقوقاً و حريات عديدة متناسقة و منسجمة مع تعهداتها الدولية و التشريعية و احترام حقوق الانسان إلا ان التحديات لا تزال تلقي بكاهلها في هذا المنحى او ذاك من حيث التطبيق و تعيق من مسيرة المرأة نحو المساواة في عالمنا المعاصر.
و في عالمنا العربي فالحكاية مختلفة الى حدٍ ما حيث لا نزال نجد التمييز واضحاً في القوانين المختلفة من قانون مدني الى جزائي الى احوال شخصية ، و في السياسات التشريعية ، و يعد المثال الابرز قانوناً على هذا التمييز و الذي نأخذه هنا منح الأسباب التبريرية لجرائم بعينها بل و عدم فرض عقوبة عليها بالرغم من انها جرائم عنف ونعني بهذا هنا جرائم الشرف ما دفع الباحثين و المهتمين لاسيما في في مجال حقوق الانسان إلى استنتاج أن المرأة و أوضاعها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و التشريعية هي من اهم عقبات التنمية التي لا بد من التعامل معها. و
مع بدء الألفية الثانية و ربما ابعد من ذلك بات لدى العديد من النساء العربيات رؤيا تتمثل بالوصول الى الشراكة الحقيقية و الأصيلة للنساء على الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و بما يتوائم مع العهود و المواثيق الدولية التي وقعت و صادقت عليها معظم الدول العربية و لاسيما العهد الدولي لحقوق الانسان و اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة….الخ.
ولا بد من ان نذكر هنا ان النضال من اجل هذه الرؤية لم يكن خالياً من العنف و الاضطهاد بل و التوغل في العنف ضد الناشطات النسويات و الباحثات و المتهمات بحقوق المرأة منعاً من الوصول الى تحقيق أهدافهم و رؤيتهم في الشراكة الحقيقية وزاد على ذلك لا سيما في الأعوام الماضية ظهور الجماعات الراديكالية المتطرفة التي مارست عنفاً ضد المرأة بشكلٍ غير مسبوق و صادم انسانياً و قانونياً ونجد من جراء هذا التطرّف وصول العنف ضد المرأة الى أقبح صوره و بشكلٍ يتنافى مع ابسط المبادئ و القيم. كان مرعباً حقاً ولا يزال وجود هذه الممارسات المتطرفة التي دفعت بالنساء الى سوق النخاسة و العبودية و صور اخرى من الاستغلال الجنسي و الاجتماعي و الاقتصادي و لعل هذا أكد في مواضع عديدة بحثية و سياسية و اجتماعية ان المرأة في الحرب و النزاعات المسلحة تتحمل أوزارها مضاعفة و ما إعلان حماية النساء والأطفال إلا إقرار دولي بهذا الحمل الثقيل على كاهل المرأة.
من يدرس تاريخ المرأة العربية سيجدها انها لا تقل جدارة من حيث قيادتها للتغيير الجذري في مجتمعها و ما تحتاجه حقاً المرأة العربية و كبداية هو التغيير القانوني و بناء التشريع الحديث في البلدان العربية بما يتفق تماماً مع مساواة الجندر . بمعنى ان يكون اولوية أساسية و هذا اول ما يبدأ يبدأ بالتغيير الدستوري . العديد منا كباحثين و عاملين في حقوق الانسان نعلم ان معظم الدول التي اعتمدت شرعة حقوق الانسان اللبنة الاساسية لقوانينها و دساتيرها استندت الى مساواة الجندر و اكدته لما له من أهمية في حفظ المواطنة و الكرامة لدى الشرائح الاجتماعية المختلفة. تبرز هنا كندا كدولة و نموذج لبقية الدول في هذا المضمار.
ففي كندا وللمرة الاولى تم الاحتفاء بأسبوع مساواة الجندر و بالتعريف نجد ان مساواة الجندر هي:”
بين النوع أو مساواة جندرية (بالإنجليزية: Gender equality) هي المساواة بين الأنواع الاجتماعية المختلفة في الحقوق والمعاملات وعدم التمييز وفقًا للنوع الاجتماعي. وعليه لا تعتمد الفرص المتاحة للنساء والرجال على كونهم ولدوا ذكورًا أو اناثاً”. (1).
و في ٢٣ أيلول ٢٠١٨ و في خطابٍ مباشر من سعادة رئيس وزراء كندا جستين ترودو و وزيرة شؤون المرأة مريم منصف(2) تم اعتباره اَي مساواة الجندر فرصة للنظر فيما حققته كندا في هذا الشأن و ما الذي يجب فعله لان مساواة الجندر هو لفائدة المجتمع بأكمله و لا يقتصر على شريحةٍ بعينها. و كيف يمكن لمساواة الجندر ان تكون مفتاحاً اساسياً لمشاكل عدة ان كانت بيئية سياسية أم اقتصادية بل تكون أساساً لابداعٍ اكثر و فرص عمل و الاهم هو صناعة القرار و أضاف ترودو و “لدينا في كندا ١٥٠ بليون سبب لنقوم بذلك “. ثم شرح كيف يمكن للطبقة الوسطى ان تقوم بتفعيل قطاعات اقتصادية معينة ،اي الربط المباشر و الوثيق بين العامل الاقتصادي الاجتماعي مع الجندر و بإطار علاقة متكاملة ما بين دور اليد العاملة و هذه القطاعات التي يجب ان تكون من المرونة لقبول و احتواء هذه اليد العاملة و بهذا يستفيد المجتمع ككل ما يوضح علاقة جدلية و بامتياز . ثم عرج ترودو على المسؤولية الفردية و مساواة الجندر التي تتأتى من خلال جعلها اَي مساواة الجندر جزءاً اصيلاً في حياة كل أسرة .
ثم دعا ترودو الجميع للتفكير فيما يمكن من جعل مساواة الجندر اقرب لأننا جميعاً نستطيع القيام بهذا التغيير . إذاً الاقتصادي الاجتماعي الثقافي كلٌ يَصْب في مسارٍ واحد مزيدٍ من الحريات و المساواة و احترام حقوق الانسان . هكذا هي كندا دوماً رائدة ونموذجاً يُحتذى به.
و لكم جميعاً نساءً و رجالاً و أطفالاً شيباً و شباباً في كندا و كل الوطن العربي أسبوع مساواة جندرة سعيدة.
Happy Gender Equality Week.