بقلم: عادل عطية
إنه الشهر التاسع، إنه مولد سبتمبر!
يجيء ببعض من أندر أيام السنة، حيث سماؤها صافية زرقاء، وهواؤها منعش عليل، وريحها لا يشوبها غبار!
يجيء لإكمال فصل الصيف في تورّده وغناه. ومع أن أزهاره أقل تنوعاً من أزهار شهور أخرى، لكنها غزيرة، تجعل من سبتمبر شهراً كزهراً آخر!
ويجيء استهلالاً للخريف، الذي يتسرّب خلسة مع غشاوة الفجر، ويغيب مع الأصيل الحار، يدنو بحذر من أعالي الأشجار، ليصبغ بعض وريقاتها بالحمرة. ورويداً رويداً ينطوي الربيع الأخضر، وتشرع الأشجار تنادي بالتغيير، وتشرف أوراق الشجر على السقوط، والأعشاب على الذبول، بيد أن معجزة الحياة تستمر قابعة في البذور، أصل التجدد وسر النمو الغامض!
ويجيء بفصل البدر في الاعتدال الخريفي، حيث يتألق القمر في سماء صافية لمدة أسبوع، ذلك لأن بدر الخريف لا يكون على عجلة من أمره، إذ يأتي باكراً ويدوم طويلاً!
ويجيء بأولى موجات البرد، ينسل بهدوء وسكينة كزغب النبتات الشائكة، وينساب على حافة البساتين القابعة عند سفوح الروابي. ويبزغ الفجر مخلّفاً آثاره: أوراقاً وجذوعاً وامضة متلألئة، وكروماً مسودة مترهلة، إلى أن يبلغ الصقيع الاودية تحت ضوء القمر!
قرابة انتهاء سبتمبر، تبدأ ثروات الخريف تتدفق، تتوهج في سكينة الأصيل، وتلتهب عند الغروب. فتزدهي الغابات والدروب والحدائق بأجمل الألوان وأغناها. لقد انقضى فصل الشمس وبدأت الطبيعة تتأهب للشتاء. وتتناثر أوراق الأشجار فتكسو الأرض وتتحوّل مهاداً ثم دبالاً مغذياً للجذور والبذور!
وفي اليوم الأخير من سبتمبر، وهو اليوم الذي قررنا فيه، أنا وشريكتي في الحياة، أن نبني فيه عائلة، أحتفل واياها، بإطفاء عدد من الشمعات المتوهجة، التي تشير إلى عدد سنوات اقترانا المبارك، ونرسل من قلبينا أغاريد مشاعرنا، معبرين عن أوقاتنا الزاخرة بروعة الزواج السعيد!
لنبك، فهناك إنتصار على الجانب الآخر من هذه الدموع!