بقلم: حسّان عبد الله
المَثَلُ في النَّثْرِ هو عِبارةٌ أو جُمْلَةٌ قَصيرَةٌ تُقالُ في مناسَبَةٍ مُحَدَّدَةٍ بهَدَفِ النُّصْحِ والإصْلاحِ أو حِكايةٌ تُفَسِّرُ وتَشْرَحُ قصَّةَ مثَلٍ ، فإذا لَقِيَتْ استِحْسانًا سارَتْ على الألْسِنَةِ وتناقَلَتْها الأجْيالُ وتَرَدَّدَتْ في كلِّ موقفٍ مُشَابِهٍ للمناسبَةِ الأصليّة التي ضُرِبَتْ فيها .وقد ذَهَبَتْ الأمْثالُ مَذْهَبَ الحِكَمِ جَرَّاء ما تَنْطَوي عليهِ مِنَ الإِيجازِ البليغِ أيْ التعبيرِ بِألْفاظٍ قليلَةٍ غَنِيَّةِ الإِيقاعِ وعن معانٍ عميقَةٍ واسعَةِ الدلالةِ وبعيدةِ المرمى .والأمْثالُ من أقْدَمِ فُنونِ النّثْرِ الأدبيّ بحيثُ عُرِفَتْ في العصرِ الجاهليّ وإِنْ في نِطاقٍ ضيِّقٍ نَذْكرُ منها « المَنِيَّةُ ولا الدَّنِيَّة». « أسْمَعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طَحينًا».
وقد بلَغَتِ الأَمْثالُ شَأْوًا مَرْموقًا في عصْرِ صَدْرِ الإسلامِ مع الإمام عليّ بن أبي طالب الذي تَرَكَ في هذا المِضْمارِ مجموعةً كبيرةً نذْكُرُ منها :
« مَنْ كَرُمَتْ عليه نَفْسُهُ هانَتْ عليه شَهَواتُهُ».
« أحْبِبْ لِغَيْرِكَ ما تُحِبُّ لنفسِكَ واكرهْ لهُ ما تَكْرَهُ لها».
«إِحْذَرْوا صَوْلَةَ الكريمِ إذا جاعَ واللئيمِ إذا شَبِعَ».
وواضِحٌ ما في هذه الأمثالِ من متانةٍ في السَّبْكِ مع مقابلات أو تقطيع أو سجع أو تصوير بياني .