بقلم: علي عبيد الهاملي
أعلنت «إنستغرام» عن طرح وسائل جديدة للتصدي لظاهرة التنمر الإلكتروني، ترتكز على فهم عميق للطرق التي يتم بها التنمر، وكيفية استجابة الأفراد له، بما يعد خطوتين جديدتين في مشوارها الطويل لمكافحة هذه الظاهرة. وقالت «إنستغرام» إن منصتها تستخدم منذ سنوات عدة تقنية الذكاء الاصطناعي لتقصي محاولات التنمر الإلكتروني أو أي محتوىً يهدف لإلحاق الأذى بمستخدميه، سواء كان ذلك من خلال التعليقات أو الصور أو مقاطع الفيديو، وإنها بدأت في طرح خاصية جديدة مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي تقوم بتنبيه المستخدمين إلى أن تعليقهم يُعتبر مهيناً أو غير لائق، وذلك قبل نشره. ويتيح هذا التدخل لمستخدمي «إنستغرام» فرصة التراجع عن وضع تعليق غير لائق، كما يمنع وصول إشعار هذا التعليق للمتلقي. وقد أظهرت الاختبارات أنّ هذه الخاصية قد شجعت بعض الأشخاص على التراجع عن تعليقاتهم المسيئة ومشاركة شيء آخر غير مسيء بمجرد أن أعادوا التفكير في تعليقاتهم. إعلان «إنستغرام» عن طرح وسائل جديدة لظاهرة التنمر الإلكتروني يعني أن الظاهرة قد استشرت وأصبحت تسبب قلقا، ليس لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي فقط، وإنما للجهات التي تملك هذه المنصات وتديرها. الأمر الذي يستدعي تدخلا للحد من هذه الظاهرة، ومنع استغلال المنصات في الإساءة إلى أفراد المجتمع، باعتبار أن الغالبية العظمى من مستخدمي المنصات هي من الأفراد، وإن كانت المؤسسات والهيئات والوزارات والدوائر، وحتى وسائل الإعلام التقليدية، قد اتجهت خلال السنوات الأخيرة إلى استخدام هذه المنصات للتواصل مع جمهورها، والترويج لأخبارها وبضائعها عبرها. آدم موسيري، رئيس انستغرام، قال تعليقا على الأدوات الجديدة التي سيستخدمونها: «يتمثل دورنا في ربط المستخدمين بالأشخاص والأشياء التي يحبونها، ولن يتم ذلك إلا في حال شعر الناس بالارتياح في التعبير عن أنفسهم عبر إنستغرام. ونحن نعلم أن التنمّر هو تحدٍ يعاني منه الكثيرون، وخاصة الشباب. لذلك نحن ملتزمون بأن يكون لنا دور ريادي في مكافحة التنمر الإلكتروني، ونحن نراقب باستمرار التجربة التي يقدمها انستغرام للوفاء بهذا الالتزام. من مسؤوليتنا خلق بيئة آمنة للتواصل على إنستغرام». «إنستغرام» الآن بصدّد تقديم خاصية جديدة تتيح للأشخاص استخدام منصته دون وصول إشعار لشخص محتمل أن يكون متنمراً. وسيبدأ في اختبار خاصية تقييد التفاعل، وذلك لحماية حسابات مستخدميه من التفاعلات غير المرغوب فيها. وبمجرد تقييد المستخدم لتفاعل شخص ما، ستكون تعليقات ذلك الشخص على مشاركاته مرئية لصاحب الحساب فقط. ويمكن لصاحب الحساب اختيار أن تصبح تعليقات الشخص المقيد مرئية للآخرين عن طريق الموافقة على إظهار التعليق. ولن يتمكن الأشخاص المقيدون من رؤية وقت نشاط المستخدم على انستغرام، أو عندما تقرأ رسائلهم المباشرة. والمنطق وراء خاصية التقييد الجديدة هو تردد الشباب في منع أو مطاردة أو الإبلاغ عن المتنمرين، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الموقف، خاصة إذا كانوا يتعاملون مع المتنمر على أرض الواقع. رغم أن مثل هذه الأخبار تبعث القليل من الطمأنينة في نفوس مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنها تثير في الوقت نفسه الكثير من القلق حول ما يمكن أن تسببه التكنولوجيا من أذى لأفراد المجتمع، خاصة من فئة الأطفال والشباب الذين هم أكثر فئات المجتمع استخداما لهذه المنصات، وأكثرها تفاعلا معها في عصرنا هذا. وإذا كان التنمر قد بدأ يأخذ مساحة أكبر على أرض الواقع في المجتمع، خاصة في المدارس، التي هي أكثر البيئات المهيأة لانتشار حالات التنمر، نظرا لصغر سن الأطفال، وضعف الرقابة المدرسية في الكثير من الحالات، إلا أن السيطرة على هذه الحالات ربما تكون أسهل، نظرا لسهولة الوصول إلى المتنمرين الذين هم أشخاص حقيقيون، يمكن تحديدهم والتعامل معهم بشكل مباشر. أما التنمر الإلكتروني فتكمن صعوبة معالجة حالاته والحد منها في أنه يحدث في الواقع الافتراضي، حيث يمكن التخفي خلف أسماء مستعارة، وإعطاء معلومات غير صحيحة، والتعامل مع وسائل الكشف عن التخفي بوسائل مضادة، الأمر الذي يجعل من الوصول إلى المتنمرين من قبل الأفراد العاديين مهمة صعبة، لكن الوصول إليهم بالتأكيد سيكون أسهل، إذا عملت الجهات التي تدير منصات التواصل على كشف المتنمرين، وكف أيديهم، قبل أن تمتد لتؤذي مستخدمي هذه المنصات.