بقلم: كنده الجيوش
هل يمكن أن يكون هناك قانون دولي ملزم ضد قيام الحروب وتبعاتها، وان يتضمن آليات متطورة غير عنفية لتطبيق ذلك غير الذي يُعتمد عليه اليوم؟ .. في وقتنا الراهن لدينا بعض القوانين والآليات ولكنها ليست كافية.
يتمنى الكثيرون منا واعتقد الغالبية منا كجنس بشري يؤمن بالإنسانية والحياة والخالق ، يتمنى لو لم يكن هناك صراعات مسلحة، نزاعات عنيفة وحروب.
ولكن هذه هي الحياة منذ نشأتها . والواقع العملي مغاير لما نتمناه بمعظمنا ، فالعلاقات البشرية و الدولية وما ينتج عنها من تعقيدات تقود في أحايين كثيرة إلى هذه الصراعات و الحروب المؤلمة… العنفية ..
و تبقى المرارة لدينا أن بلادنا تعاني منها الكثير وشعوبنا كذلك. ويجب علينا ألا نقبل بفقدان المزيد من الأرواح و ازدياد عدد الضحايا و التسليم بهذا الأمر ، وان يصبح دارجاً القول على أنها «مثلها مثل غيرها» ، أو هو أو هي «وضعه أو وضعها أحسن من غيرها «أو» على الأقل عاش قليلا ولكن حياة كريمة» وتبدأ قائمة المقارنات بما هو أسوأ لتقبل الواقع المرير. ..
ما يدفع بالسؤال ألا يمكن أن لا يدفع الإنسان المغلوب على أمره هذا الثمن الفادح؟ ألا يمكن لهذه الأرواح الزكيّة أن تُعطى احتراماً في حقها بالحياة؟؟
في الحروب هناك أطراف متنازعة ، وكلٌ يعتقد انه هو من يمتلك الحق.. و المفارقة المؤلمة ان في الكثير من الأحيان المعتدي يعلم تمام العلم انه معتدي ، لا أوجه حق لديه ، وان اعتداءه عنيف و قد يكون دامي حيث تطول قائمة الضحايا الأبرياء بنتيجته ناهيك عن الحقوق التي سُلِبت وضُرِبَ بها بعرض الحائط…
بلادنا اليوم تتألم كثيرا .. وشعوبنا تتألم سواء في فلسطين أو لبنان أو سوريا أو .. أو .. وذلك رغم توجه الأمور نحو الحل .. ولكن لازالت الصعوبات والتوترات قائمة ونتمنى ألا تقود للأسوأ ونحن نتألم معها هنا .. ونبقي أملنا كبير رغم المسافة.
والحقيقة أن الكثير منا بأمان من الحروب هنا في أوطاننا الأم الثانية، ولكن لا زال لنا وطن أم ولا زال لنا أحبة هناك وأهل وأصدقاء.. وربما هموم بعضنا هنا لا تقل إرهاقا وألما وان كان بأشكال أخرى.. لكن لازال الألم واحد و القهر واحد على الألم هناك.
أضعف الإيمان أن يُطلب من الدول الكبرى ان تسعى جاهدة بمقدراتها لإنهاء العنف او تبعاته بان توقف امتهان كرامة الإنسان.. وهذا الأمر ليس بالمستحيل ولكنه يتطلب عملاً ، جهداً استثنائياً ومواقف نبيلة تحترم معايير إنسانية دولية من دول عظمى.
ما يجب أن يُطلب من هذه الدول الكبرى التي نحب سياساتها وننظر إليها على أنها حامية الإنسانية والمبادئ والقيم والتي تُطّبق بعضها .. وليس كلها.. يُطلب منها الواقعية المقبولة التي تحمي كرامة الإنسان وتحترم العدالة بآنٍ معا ، أن تمعن النظر مرارا وتكرارا في فكرة الأرواح التي تزهق يوميا والتي تتألم يوميا .. وان لا تصبح فكرة الفقد والموت والدمار والتشرد مقبولة مع فكرة «الواقعية العمياء» التي يتم الترويج لها كل حين وحين.
وهنا اذكر مواقف بسيطة ولكنها عظيمة جدا في جوهرها في هذه الأوقات ومنها مواقف إنسانية في سوريا المجروحة التي يعاني شعبها من الفقر والجوع وآثار دمار الحرب، ولكن الكثير من أبنائها فتح ذراعيه للاجئين اللبنانيين منذ عدة شهور وقال لهم «حلو بيننا انتم أهلنا» .
هذه المواقف مهمة جدا اليوم مثلما كانت مهمة جدا عندما فتحت الكثير من الدول الغربية ومنها ألمانيا وكندا والسويد و.. وتركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر ودول عربية أخرى أبوابها للسوريين وأغاثتهم عندما كانوا يفرون من الموت القابع على قارعة كل طريق.. والمتحرك مع عقارب الساعة… أشكال الموت اليوم تحيط بشعوب مغلوبة على أمرها .. وتعددت الأسباب والموت واحد.
أتمنى ونتمنى أن يكون هناك يوم قانون شامل ضد الحروب وان يكون هناك آلية واضحة وحديثة التقنيات والأفكار لتطبيقه دون استخدام العنف .. أن نطبق العدل والمساواة دون أن يدفع الإنسان الثمن ألما وحزنا وكرامة مهدورة وحقوق مسلوبة.
شكرا لكل دولة وقفت ولو بكلمة مع شعوبنا المقهورة… شكرا كندا ..