بقلم: سليم خليل
حادثة رواها الكاتب المؤرخ إبراهيم عيسى في كتابه “كل الشهور يوليو” نورد تفاصيلها بإختصار :
كان عضو مجلس الثورة الصاغ – الرائد – صلاح سالم يقود سيارته في ميدان باب الحديد وفوجىء بسيارة ملاكي يقودها رجل ويجلس في الخلف سيدة حسناء وكانت مسرعة ، فجأة إنحرفت السيارة واحتكت بسيارته بقوة، توقف صلاح سالم قائلا للسواق – مش تحاسبوا يا جماعة – فوجىء صلاح بردة فعل السائق موجها إليه سيلا من الشتائم والسباب وانطلق بسيارته !!! إنطلق صلاح وراءه وتعقبه إلى أن وصلا إلى محل الزعبلاوي الشهير بالمفروشات …
دخلت السيدة المحل وتبعها الصاغ صلاح سالم وعاتبها على قلة أدب سائقها… بدلا من أن تعتذر أخذت تشتمه أيضا … فقد أعصابه الصاغ صلاح وضربها بقلم كان بيده …
كانت تلك السيدة الراقصة والممثلة الشهيرة نعيمة عاكف بطلة فيلم لهاليبو….. فاجأت الصاغ صلاح وحاولت ضربه ومسكت بعنقه تهدده وتبهدله . كان الزبائن يشاهدون المعركة مستغربين وهرع صاحب المحل محاولا فك الإشتباك قائلا لها: هتودي نفسك في داهية هذا الصاغ صلاح سالم عضو مجلس الثورة يا ست نعيمة … بكت وكادت تنهار وحاول بعض الزبائن الإعتداء عليها دفاعا عن الصاغ صلاح …
شخط الصاغ صلاح بالناس وأمرهم بالإنصراف واتصل بالبوليس الحربي آمرا بإعتقالها قائلا :
أنا اتهنت والقيادة إنهانت إعتقلوها والحساب عندي …
في مركز البوليس الحربي وضعوها في غرفة بمفردها لمدة ساعتين كادت تنهار وزادت تعاستها عندما دخل المحقق أحمد أنور موجها لها الإتهام : أنت اعتديتي على الصاغ صلاح عضو مجلس الثورة، حاولتُ تطييب خاطره لكنه مصرا على محاكمتك ، جاوبت وهي تزرف الدموع : يا بيه أنا ما كنتش أعرفه، سواقي هو اللي شتمه ولما سعادة البيه لحقني في المحل إفتكرته واحد قليل الأدب جاي يعاكسني ويضربني … قال لها ألمحقق : نسيب الموضوع شوية لغاية ما الصاغ صلاح يهدى وتنحل المشكلة إن شاء الله… سألت نعيمة طيب أقدر إمشي دلوقت ؟ لا حتبقي عندنا شوية لغاية ما نشوف نعمل إيه !!!
بعد مداخلات ُطلب منها كتابة إعتذار، جاوبت ما أعرفش أكتب … فأمسك الوسيط بيدها وكتب الإعتذار بخط مفكك عجيب :
عزيزي صلاح : بكل دقة في قلبي وكل شعرة من رمش عيوني، أنا أعتذر لك وأقوللك أنا آسفة جدا حقك علي وما تزعلش مني، ويا بخت من قدر وعفا وسامح والترضية اللي تؤمرني بها أنا تحت أمرك فيها ، ومرة تانية أنا باعتذرلك وأرجوك أن تصفح عني وتسامحني .
المهم أن الصاغ صلاح سالم تأخر عن الإجتماع وحمل الإعتذار أحد الضباط البوليس متوجها إلى القيادة ظانا أن الصاغ صلاح هناك … على باب غرفة الإجتماع وقف ضابط البوليس بيده الإعتذار ومفتشا بنظره على الصاغ صلاح …لاحظه الزعيم عبد الناصر ينقل نظره من هنا إلى هناك فأمر عبد الناصر : اسألو ماذا يريد فأدخلوه وأخذ الزعيم عبد الناصر كتاب الإعتذار وأخذ يقرأه بصعوبه وسأل حامل الرسالة إيه داه ؟ سرد الضابط للزعيم قصة الشجار بين الصاغ صلاح ونعيمة عاكف وصاح الزعيم : صلاح وقف لهاليبو عندكم!!!
وانفجر الجميع بالضحك والمزاح والمرح وكأنهم كانوا بحاجة إلى فرصة ليضعوا جانبا هموم القيادة والقرارات وقوانين الأحزاب وقضايا أخرى وتمضية بعض الوقت بالفرفشة والمزاح.