بقلم: الدكتور عبد العليم محمود
ما هو الحول في الأطفال: “الحول الحقيقي؟”
الحول الحقيقي، وهو مشكلة يعاني منها حوالي خمسة في المئة من الأطفال، وهو ينتج من مزج صورتي الشئ المرئي بواسطة العينين في صورة واحدة وهذه القدرة تكتسب “ولا تورث” خلال السنوات الأولى من العمر.. وهذه ميزة .. تمتع الإنسان بهذه القدرة، والحول يعني ببساطة أن العين اليمنى السليمة تنظر إلى شئ والعين اليسرى مثلاً “الحولا” تنظر إلى شئ آخر.
كيف يظهر هذا النوع؟
إذا نظر الطفل إلى شئ بعيد، فإن إحدى الحدقتين تنظر في اتجاه مستقيم في حين تنحرف الأخرى، إما إلى الداخل وإما إلى الخارج، وإما إلى الأعلى أو الأسفل.. وعندما تنحرف إحدى العينين يتم إرسال صورتين مختلفتين إلى المخ، وفي هذه الحالة يتجاهل المخ الصورة الصادرة عن العين المصابة ويهتم فقط بتلك الآتية من العين السليمة.. ويجب اكتشاف الحول الحقيقي مبكراً لعلاجه، لأن إهماله يمكن أن يسبب فقدان البصر في العين المصابة.
ما هي نسبة حدوث الحول في الجنسين؟
يظهر الحول بالنسبة ذاتها عند الذكور والإناث.
هل هناك دور للوراثة في هذا المرض؟
يمكن أن ينتقل وراثياً من الآباء إلى الأبناء .. ومن الضروري علاج الحول الحقيقي، لأنه يهدف إلى تصحيح استقامة العينين .. واستعادة الرؤية السليمة أو الحفاظ عليها.
ما هو سبب الحول؟
ينتج الحول عموماً من عدم توافر النظر الموحد بالعينين، وأعنى فقد الشخص القدرة على النظر الموحد للعينين وقد ينتج ذلك من أحد الأسباب الآتية:
1- أن يقل إبصار إحدى العينين بدرجة ملحوظة بسبب:
- مرض عضوي في القرنية “عتامة”.
- أو في العدسة كتاركتا.
- أو في الشبكية خاصة في منطقة الماقولة “مثل التهابها”.
- أو ورم وراثي بهما.
2- أن تكون هناك صعوبة أو ضعف إدماج الصورتين الواقعتين على العينين مثل: - ضعف الإبصار الشديد في إحدى العينين.
- أو أن الاختلاف الكبير بين حجمي الصورتين الواقعتين على الشبكية بالعينين.
- أو الاختلاف الكبير بين قوة العدسات اللازمة لكل من العينين.
- كما يعقب الحول بعض الأمراض الباطنية الشديدة كالحميات أو بعض الاضطرابات النفسية.. كما قد تزيد هذه الصعوبة العلاج بحدوث الحول.
3- أن تفقد العينان قدرتهما على المحافظة على العلاقة الطبيعية بين وضعهما اثناء حركتهما أو سكونهما، مثل: - تشوه في شكل محجر العين.
- أو شلل أحد الأعصاب المحركة لعضلات العين “الحول الشللي”.
- أو بعض أمراض عضلات العين الخارجية والمحركة للمقلة كما في حالة الحول منذ الولادة.
- الحول الذي يحدث في تسمم الغدة الدرقية.
- الحول التكيفي ففي حالات طول النظر قد يحدث الحول الأنسى “أي تتجه العين ناحية الموق” أي إلى الداخل، حالات قصر النظر فقد يحدث الحول الوحشي “أي تتجه العين ناحية اللحاظ” أي إلى الخارج.
ما علاقة عمر الطفل بكل ذلك؟
من الواجب التأكيد على أن تأثير العوامل السابقة “التي تؤدي إلى الحول” يختلف حسب سن الطفل:
1- فإذا حدث الحول في سن مبكرة من العمر قبل أن يكتسب الطفل ما يكفي من القدرة على النظر الموحد بالعينين كان العلاج أكثر صعوبة .. وعلى النقيض من ذلك إذا حدث.
2- الحول في سن متأخرة بعد اكتساب الطفل لهذه القدرة زادت فرص نجاح العلاج .. وكذلك تزيد فرص نجاح العلاج كلما سارع الأبوان باستشارة الطبيب.. وتنفيذ العلاج بعد حدوث الحول مباشرة، وقلت هذه الفرص كلما تأخرا في ذلك.
ومما سبق يتضح الاهتمام بملاحظة حدوث الحول:
1- ويجب التنبيه بأن العين الحولاء يقل إبصارها تدريجياً وتصبح كسولة لا تقوم بوظيفتها وكأنما الطفل يملك عينا واحدة فقط.
2- والإسراع في علاجه واجب على الأبوين وعلى أطباء وممرضات الصحة المدرسية.
3- هذا بالإضافة إلى التشويه الذي يسببه الحول لشكل الطفل.
4- وما قد ينتج عن ذلك من اضطرابات نفسية.
ما هو علاج الحول؟
إن هدف الطبيب من علاج الحول ذو شقين:
الأول: تحسين النظر في العين الحولاء واستعادة النظر الموحد بالعينين.
الثاني: هو تجميل الوجه بالتخلص من التشويه الذي يسببه الحول.
الهدف الثاني من العلاج:
أي التجميل يمكن تحقيقه غالباً بغض النظر عن سن الطفل.
أو طول مدة الحول، أو سببه.
ولكن الهدف الأول وهو الأهم أي استعادة وظيفة العين وبصرها أيضاً يلزم لتحقيقه:
1- التشخيص والعلاج المبكر للحول.
2- وقد ينصح الطبيب بعد الفحص الشامل للعين بما في ذلك قاع العينين باستعمال نظارة طبية.
3- وفي بعض الأحوال كما في الحول التكيفي قد يزول أو يشفى الحول بمجرد استعمال النظارة.
4- ومدة استعمال الطفل للنظارة يقدرها الطبيب حسب التغييرات التي قد تحدث في انكسار العين مع نمو الطفل.
5- كما قد ينصح الطبيب بتغطية العين السليمة.. طول الوقت أو بعضه .. تغطية كاملة أو غير كاملة والغرض من ذلك هو تنشيط العين الحولاء .. حتى يتحسن إبصارها تدريجياً.
6- وتقريب درجة إبصار العين الحولاء من درجة إبصار العين السليمة وحينئذ يقوم الطبيب بإجراء تدريبات لتقويم الحول.
ما هي تدريبات تقويم الحول؟
1- تعمل هذه التدريبات على أجهزة خاصة.
2- وليس الغرض منها تقوية العضلات المحركة للعين كما قد يظن البعض.
3- الغرض منها هو تدريب الشخص على الرؤية الموحدة للعينين. وفي الخارج يقوم بإجراء هذه التدريبات ممرضات مدربات، ومازلنا نحتاج لمثل هؤلاء هنا في الوطن العربي.
ويقوم الأطباء بإجراء هذه التدريبات لحين تدريب بعض الممرضات لهذا العمل:
1- وهذه التدريبات تستغرق وقتاً طويلاً.
2- ويلزم أجراؤها مرتين أو أكثر كل أسبوع.
3- ويتدرب الطفل على الجهاز لمدة نصف ساعة في كل مرة.
4- قد يستغرق الأمر شهوراً.
5- وتزيد المدة وتقل النتيجة كلما كانت درجة الحول كبيرة.
6- وتقل المدة وتتحسن النتيجة كلما كانت درجة الحول صغيرة.
7- ولذلك ففي درجات الحول الكبيرة ينصح بإجراء عملية جراحية لتقويم الحول يتبعها تدريبات للحول.
ولنا تكملة في العدد القادم