بقلم: الدكتور غازي الفنوش
الموسيقى غذاء للروح وشفاء للنفس، ملهمة الفنان، محركة للشعور ، مهدئة للاعصاب ومقوية للعزيمة، يتذوقها ويطرب لسماعها كل إنسان،ايا تكن البيئة التي ينتمي اليها أو اللغة التي يتكلم بها، لقد خلق الإنسان في طبيعة موسيقية، من خرير مياه النهر إلى صوت الرعد الصارخ، ومن هديل الحمام وزقزقة العصافير إلى زمجرة الأسد الغاضب، كل هذه الأصوات سمعها الإنسان منذ نشأته الأولى، وحاول تقليدها، ثم اخترع الآلات الموسيقية والأدوات الصوتية ليريح جسده من عناء الرتابة، ومن ثم شارك بين صوته وصوت الآلة، فنتج عن ذلك تناغم وانسجام بديع ،،!!
هل يمكن لهذه للنغمات والإيقاعات الموسيقية أن تكون علاجا وبديلاً للدواء أو عنصرًا مكملاً له ؟؟
الموسقى قديمة قدم الإنسان، ولعبت دورا هاما في المعالجة، فقد كان الفراعنة يعتبرون أن الموسيقى وسيلة لإدرار الحليب، حيث توفر الهدوء للطفل وللأم، وان لوحة الأم وهي تُرضع طفلها وعلى مقربة منها مغني وعازف، وهذه اللوحة موجودة على جدار معبد الأقصر فى عصر توت عنخ آمون، كذلك استخدم الهنود الذين عاشوا قديما في القارة الأمريكية آلة المزمار الخشبي لعلاج امراض الروماتيزم والتهابات المفاصل .
لقد انتشر استخدام الموسيقى في كثير من المستشفيات حول العالم، وقد قام عمدة جورجيا بتوزيع ألبومات الموسيقى الكلاسيكية على مستشفيات التوليد من أجل تخفيف آلام الولادة، كما تعمل الموسيقى على تحفيز وتنشيط الاطباء الجراحين اتناء اجراء العمليت الجراحية .
لقد توصل فريق من الأطباء الكنديين من خلال تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي، اثناء استماع الشخص إلى أغنية جديدة، يؤدي إلى تنشيط مركز في المنطقة المعروفة باسم “النواة المتكئة” في المخ ( Nucleus accumbens) وهذه المنطقة مسؤولة عن اللذة والانشراح، وهي تنشط عند سماع الموسيقى أو المشاركة في الغناء ضمن مجموعات وتعمل على تعزيز الجهاز المناعي، وخفض نسبة هرمون الإجهاد وتعديل المزاج، وتخفف الآلم بنسبة 21 بالمئة وتبعد الكآبة بنسبة 25 بالمئة، لاسيما عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية ومشاكل اجتماعية مما يجعل تأثير الموسيقى على الصحة مشابه لتأثير اليوغا على الجسم ..!!
التفسير العلمي للعلاج بالموسيقى ؟
تحتوي الخلية الحية في جسم الإنسان على نسبة من 70 إلى 80% من الماء، وهذا مايجعلها تتأثر باستقبال الذبذبات الصوتية، حيث تتحول تلك الذبذبات إلى موجات كهرومغناطيسية تولد طاقة تفجر الطاقات المكبوتة في الجسم وهذا يؤدي إلى تخفيف الألم والتخلص من القلق والكآبة.
إن فوائد العلاج بالموسيقى كثيرة وتشمل الاضطرابات النفسية والعقلية وبعض حالات الإعاقة في التعلم والتخاطب والتواصل ، كذلك لها تأثير إيجابي على مرضى الشلل الرعاشي، والسيطرة على إرتفاع الضغط الشرياني، ومعالجة داء الربو ومرض التوحد لدى الأطفال .
ولعل المثال الأكبر على اهمية العلاج بالموسيقى هو ماتقوم به الأم بغنائها الخافت وبنغمة رقيقة حنونة لطفلها قبل النوم، حيث يعتبر هذا الفعل من أقدم ممارسات التنويم المغناطيسي والعلاج الطبي بالموسيقى .
وكما قال افلاطون : الموسيقى قانون أخلاقي، لإنها تعطي للحياة الروح، وللعقل الأجنحة ، وتلهم السحر والخيال للبشر ،،،