بقلم: ناهدة العاصي
قوانين … ثّغرات … تَبِعات
سبق وذكرت في المقالة الأولى، المنشورة بتاريخ ٢٥ كانون الثاني في جريدة الرّسالة، أسباب تشريع الماريجوانا في كندا واستعمالاتها ومخاطرها الصّحيّة على المدى القصير والبعيد وآثارها السّلبية الأخرى بالإضافة إلى الكثير من التّساؤلات. في هذه المقالة (الجزء٢) سأركّز على ما يحصِّل المواطن حين تصبح الماريجوانا واقعاً حيّز التّنفيذ، وسأذكر أبواب التّمويل المفتوحة أمامه، من قِبل الأفراد والجماعات، لينخرط بعمليّةٍ لم ولن تكون يوماً لمصلحته ولا لمستقبله، كما سأرفع الكثير الكثير من التّساؤلات الإضافيّة.
ماذا يمكن للمواطن أن يعمل دون أن يطاله القانون بمجرّد دخول قانون الماريجوانا حيّز التّنفيذ؟
ـ شراء كمّيات محدودة من الحشيس بأشكاله المختلفة من تجّار التّجزئة المرخّصين من المقاطقات والأقاليم.
ـ حيازة ما يصل إلى ٣٠ غراماً من الحشيش المجفّف القانوني، أو ما يعادلها في شكل غير مجفّف، في الأماكن العامّة.
ـ استهلاك الماريجوانا في الأماكن التي تأذن بها السّلطات القضائيّة المحليّة.
ـ تشريع إستعمال المنتجات التي تحتوي على الماريجوانا داخل المنزل، في المأكولات والمشروبات مثلاً، شريطة عدم استخدام المذيبات العضويّة الخطيرة في صنعها.
ـ زرع وتنمية ما يصل إلى أربع شتلات ماريجوانا لكلّ أسرة (ليس لكلّ شخص) لهدف الإستخدام الشّخصي، على أن تكون البذور مرخّصة أو أن يتمّ شراء الشّتلات من مورّدين مرخّصين.
ـ تقاسُم ما يصل إلى ٣٠ غراماً من الحشيش المجفّف أو ما يعادله مع البالغين الآخرين.
هذه النّقاط تستفزنا على السؤال عن إمكانيّة ضبط العمليّة في البيت الواحد. فإن تمّ زرع الماريجوانا، كيف تتمّ عمليّة ضبط نسبة الإستهلاك بين أفراد العائلة الواحدة في مكان مغلق له خصوصيّته، خاصّة إن لم يكونوا كلّهم من المدخّنين؟ أليس هذا ايضاً بابٌ من أبواب تشجيع الأطفال على التّدخين المبكّر؟
وماذ قد يحصل حين نجد المصادر التّالية المُتاحة لتمويل هذا الإنتاج: ـ المؤسّسات الماليّة التقليديّة
ـ قروض تجاريّة من شركات تمويل بديلة
ـ خط الإئتمان التّجاري
ـ القروض العقاريّة (بهدف تأمين أماكن زراعيّة)
ـ قروض لشراء أو تأجير المعدّات
ـ التمويل الجماعي
ـ شركات الأسهم الخاصّة
ـ أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين
ـ مستثمرون آخرون (Angel Investors )
ـ قروض شخصيّة
ـ قروض المنازل (إعطاء قرض يعادل نسبةً من قيمة المنزل الذي يملكه صاحب المشروع)
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو، هل هناك وسيلة لم تُستعمل لتسهيل عمليّة إنتاج الماريجوانا؟
إن نحن استثنينا كندا من الفساد، سيبقى لدينا العديد من التّساؤلات:
ـ ألن تتدفّث كمّيات الماريجوانا في الأسواق وتصبح المتاجرة بها أسهل؟ فالمروّجون الكبار، القدماء والمستجدّين على السّاحة، على استعداد تامّ لزيادة توزيع الماريجوانا إن من خلال الأقنية المعتادة مع المزيد من الإنتباه والحرص أو من خلال أقنية جديدة يبتدعونها حسب الحاجة؟
ـ ألن تزداد نسبة الشّباب المدخّنين ولأسباب أهمّها: تقليد الكبار، التّشبّه بالأقران، تخفيف الضّغط النّاتج عن المشاكل الإجتماعيّة أو العائليّة، تقليد بعض الممثّلين أو الشخصيات الدّعائيّة، وغيرها من الأسباب؟
ـ ألن يرتفع عدد الوفيّات والإصابات الناجمة عن ضعف القيادة، والذي وصل إلى ٣٥٠٠ من أصل٦٩٠٠٠ حالة في العام ٢٠١٧ ؟
ـ ألن يكون هناك نسبةٌ من الشباب الذين لم يبلغوا بعد سنّ الثامنة عشر وقد بدأوا بزراعة الماريجوانا داخل منازلهم. وعند مساءلتهم، يهدّدون أهلهم بترك المنزل إن هم حاولوا منعهم. مَن سيهدّئ من رَوع الأهالي بسبب خوفهم من الآتي في هذه الحالة؟
ـ هل سيتمّ تعيين أطبّاء جدد لتلقّي المرضى بسبب استعمال الماريجوانا في حين أن الدّولة تسعى جاهدةً لخفض التّعيينات ولديها مشكلة في هذا المضمار؟ ومن يضمن لنا أن جميع الممرّضين ورجال الشّرطة نظيفون أصلاً من هذه المادّة «المٌشرّعة» أثناء تأدية واجباتهم؟
ـ كيف يمكن للمردود أو يغطّي تكاليف الحوادث الناجمة عن القيادة تحت تأثير الماريجوانا؟ المشاكسات التي يؤدي بعضها إلى الأذى الجسدي وربّما جرائم القتل تحت تأثير جرعةٍ زائدة؟ الخوف النّاجم عن الخلافات اليدوية بين الأقران وأفراد العائلة الواحدة والرّفاق؟ هذا عدا الأمراض العصبيّة النّاجمة عن تعرّض الشباب لضغوطات مستعملي المادّة؟
ـ كيف يمكن لفحص نسبة الكحول عند السّائقين أن يبيّن نسبة مادة الماريجوانا في الدّم إن كان الشخص مدخّناً وشارب كحول في آن معاً؟
ـ ما هي نسب التسيُّب الدّراسي المتوقعة، بسبب ازدياد استعمال الماريجوانا، والتي هي أصلاً مرتفعة نسبيّاً؟
في النّهاية نجد أنّ المتعاطي كان يحسب الحساب للدّولة وكان لديه بعض المحاذير التي يلوذ بها من عناصر الضّبط. أمّا الآن فهو في حِلٍّ منها، فقد صار شراؤها أهون. أليست النتيجة إفساد عقل وفكر المواطن الذي نريد له أفضل مستقبل؟
أمّا إن ساوينا كندا بكلّ دول العالم لأن آفة الفساد قد تطالها كما تطال أي دولة من دول العالم، سيتأتّى معنا بعض التّساؤلات الأخرى:
ـ ما هي نسبة من يحتاجون استعمال الماريجوانا لدواعي طبّيّة، وهل ذلك يستدعي تشريعها للجميع؟
ـ أم أن العمليّة موسم ينتفع منه كبار التّجار ذوي العلاقات الوطيدة مع السّلطة؟
ـ كيف يمكن للدّولة أن تتحوّل من مؤسّسة حافظة للنّظام تُحاربٍ آفّة إجتماعيّة إقتصادية إلى مؤسّسة منتمية لمروّجي وتجّار المخدّرات. ألا تبدو الدّولة وكأنّها تحارب نفسها؟
ـ كيف يمكنها أن تَعي خطورة الماريجوانا وتشرّع استعمالها ومن ثمّ تجترح القوانين الصّارمة بحق كلّ مخالف بدلاً من تحريمها؟ الدّولة لديها إحصاءات تشير إلى أعداد المدخّنين وفئاتهم العمريّة (من بينها من هم أقل من ١٠ سنوات ) وكم ستزداد نسبهم عند تشريع الماريجوانا؟
ـ كيف نستطيع التأكّد من أن مَن يراقبون حُسن تطبيق القانون، من شرطة وقوى أمن، ليسوا هم أنفسهم تحت تأثير الماريجوانا؟
ـ كلّنا يعلم أن هناك بنوداً في ميزانيّات الدّول أقلّ ضبطاً من غيرها والتي تُمكّن الوزارة من التّلاعب بالأرقام لتغطية الخسائر النّاجمة عن عمليّات الفساد. هل هذه هي الطريقة التي ستستعملها الدّولة حين تكتشف أن الكلفة باهظة جدّاً وأنّها غير مربِحة؟
ـ هل كان القرار سريعا وكأنّ أصحاب القرار كانوا تحت تأثير الماريجوانا حين شرّعوها؟
تابعونا في مقالنا القادم على موقع الجريدة الرّسمي للإضاءة على بعض النّتائج على أرض الواقع يليها تقديم أفضل سيناريو لواقعٍ أفضل لأولادنا وللأجيال القادمة. www.el-ressala.com