بقلم: ﭽاكلين جرجس
و نحن نحتفل فى شهر المرأة بكل أم و فتاة سواء كانت عاملة أو سيدة منزل يقع على عاتقها مسئوليات جمة كجبل من التحديات خاصة فى ظل المشكلات و الأزمات الاقتصادية التى يمر بها العالم تلك التحديات التى اتصورها كوحش ينحش فيها يقضى عليها شيئًا فشيئًا جاعلًا منها بقايا إنسان ، فتنصهر فى العمل سواء بالمنزل أو خارجه و تعود أمام أولادها شامخة صلبة قوية من فولاذ كعمود رئيسى يسند البيت من التصدع كل ذلك لسد مطلبات المعيشة و أفواه الاطفال و تناست كونها إنسانة تحتاج للراحة و تدليل النفس أحياًنا ؛ و ظلت رافعة شعار التضحية ، أو حتى لتثبت وجودها و كينونتها و مقدرتها على التفوق فى مختلف مجالات العمل و ليكن ذلك ؛ إلا أن الفكرة الراسخة في الأذهان خاصة فى المجتمعات الشرقية أن هناك مجالات عمل و وظائف بعينها لا تصلح للنساء لأنها أعمال شاقة ولا تليق بأنوثتهن وكنا دائمًا نسمع بعض الأقوال السلبية التى تقال لهن دونما اختبار سابق لمدى تحمل النساء لأعباء هذه الأعمال أو مدى كفاءة نساء بعينهن لتلك الوظائف ؛ لذلك طالبت المرأة كثيرًا بالمساواة الجندرية و أن لا يكون هناك تمايز واختلاف بين الرجل و المرأة فى المجتمع الواحد على أساس الجنس و القضاء على أنواع التمييز ضد المرأة و أن يتم خلق فرص متساوية ليس الحياة العملية فقط بل أيضًا في كل أنشطة الحياة المختلفة مما يؤدى بدوره إلى تساوي في توزيع المقدرات الاقتصادية و الاجتماعية خاصة و أن تأثير ضَعف مشاركة النساء في قوة العمل لا يقتصر فقط على الحد من قدرة المرأة على تحسين وضعها الاقتصادي وتحقيق الرفاهية لها ولأسرتها، بل يؤدي أيضًا إلى الحد من حجم ونمو الاقتصاد ككل.
و على مدار عقود و أعوام لم تكف عن المطالبة بالمساواة و ها هى الأن تجنى بعض ثمار مجهوداتها و مطالباتها و نشهد تطورًا سريعًا في هذا الصدد ؛ و أخيرًا بدأ المفهوم يتغير بحيث لا تظل بعض الأعمال والمهن حكرا على الرجال نظرًا لاختلاف الطبيعة الفيزيائية بين الجنسين ، و ظهر ذلك جليًا بعد تمكين المرأة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى و تقلدها لعدد من المناصب الهامة مثل : منصب محافظ لأول مرة و مستشار الرئيس للأمن القومى ورئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ووكيل مجلس الشيوخ، ايضًا نرى المرأة اقتحمت بقوة مجال الطاقة و أثبتت كفاءتها فيه، و لا يمكننا أن ننسى جيل من الرائدات بقطاع البترول اللاتي فتحن الباب لتدخل من ورائهن كل أنثى تحلم بتحقيق ذاتها و إثبات كفائتها فى وظائف الرجال فمنهن تقلدن مناصب قيادية كرئيسات ونواب لشركات قابضة وهيئات اقتصادية و ساهمن بأدائهن البارع كمهندسات بترول خاصة في مواقع العمل بالحقول والمشروعات ووحدات الإنتاج، إضافة إلى دورهن في مجال البحوث العلمية من أجل التطوير المستقبلي ، و هو ما تم التأكيد عليه فى احتفالية ( هي والطاقة SHE IS ENERGY) للإحتفاء بدور المرأة في صناعة البترول والغاز كان ذلك تزامناً مع احتفالات اليوم العالمي للمرأة في شهر مارس، حيث نظمت الاحتفالية التي تقام للعام الثاني على التوالى فى مؤسسة إيجبت اويل اند جاز.
و الأن ونحن نحتفى بالمرأة و إنجازاتها علينا حماية مقدراتها و ما وصلت إليه من نجاحات فى مختلف القطاعات و الوظائف ، لذلك أجد أنه من الضرورى إعادة تشكيل وتفعيل وحدة تكافؤ الفرص ليس فى مجال الطاقة فقط بل فى مختلف المجالات لا سيما التى كانت حكرًا على الرجال فقط ، حيث أن وحدة تكافؤ الفرص تم إنشائها لتكون حلقة الاتصال بين المجلس القومى للمرأة و وزارة البترول للارتقاء بدور المرأة وتمكينها وتوفير الأليات والتدابير والسياسات اللازمة التى تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أساس تكافؤ الفرص و التى تساهم بشكل فعال فى تحقيق المساواة بين النساء والرجال وذلك تمشياً مع استراتيجية تمكين المرأة 2030، و بالتالى سيكون منوط بوحدة تكافؤ الفرص إعداد قاعدة بيانات عن العاملين بقطاع البترول وتحديد نسبة مشاركة المرأة فى الهيئات والشركات البترولية التابعة لوزارة البترول أو أى قطاع آخر، كما أنها ستساهم في توعية المرأة العاملة في كافة المجالات السياسية، الاجتماعية والعلمية من خلال الندوات بحضور محاضرين على أعلى مستوى ، و التركيز بشكل خاص على الأجيال الشابة، كما أن الوحدة بالتعاون و التنسيق مع مكتب شكاوى المرأة التابع للمجلس القومى للمرأة ستتمكن من القضاء على ما يخص المعوقات التى تواجه المرأة العاملة فى نطاق وزارة البترول والثروة المعدنية والعمل على حلها ؛ وفي المُجمل لا يمكن تعزيز إمكانية تكافؤ الفرص إلا في خلال سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية تراعي المنظور الجندري حتى يتم تزليل كل المعوقات أمام المرأة فى هذا المجال على وجه الخصوص و هو الذى كان محظورا على النساء فى فترات سابقة من عمر مصر ، و أخيرًا أضم صوتى لصوت كل إمرأة حرة قوية مستقلة لنقول مع فومزيلي ملامبو- نكوكا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة “لن نقبل بشيء أقل من كوكب قائم على أساس المساواة” .