بقلم: تيماء الجيوش
مع طباعة هذا المقال ستكون قمة الأمم المتحدة الخاصة بالبيئة قد أنهت أعمالها UN COP26 climate summit والتي امتدت من الحادي و الثلاثين من أكتوبر تشرين أول إلى الثاني عشر من نوفمبر تشرين ثاني من العام الحالي.
وقد قامت المملكة المتحدة ، بالشراكة مع إيطاليا باستضافة هذه الدورة السادسة والعشرين ل (COP 26) حيث ضمّتْ أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.
و غاية القمة بجمع كل الأطراف معًا هو لتسريع العمل نحو أهداف اتفاق باريس واتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ. و على هذا فقد كان عدد المشاركين فيها أكثر من 190 من قادة العالم ، إلى جانب عشرات الآلاف من المفاوضين وممثلي الحكومات والشركات والمواطنين في اثني عشر يومًا من المحادثات.»
من منظورٍ نسوي فقد ميّز هذه القمة حقاً هو تخصيص يوم الجندر أو النوع الاجتماعي في يوم الثلاثاء 9 نوفمبر 2021.و ذلك أعترافاً بالمساواة بين الجنسين والاحتفاء بها كمبدأ أساسي في المجتمعات الإنسانية أولاً وتمكين النساء والفتيات من صياغة سياسة المناخ و صنع القرار والعمل معاً.
و على ما يحمله هذا اليوم من رمزية إلا أنه كان مناسبة هامة للتأكيد على تأثير التغييرات المناخية المباشرة و التي لا ريب فيها على النساء والفتيات بشكل تمييزي ، لا سيما المرأة التي تواجه عدم مساواة على مستويات مختلفة . في كلمات عدة لرؤساء الوفود أبرزوا أن تأثير المناخ ووقعه على النساء يتجلى في ثلاثة نتائج على التوالي هي:
- خسارة الحياة و خسارة الموطن.
- خساراتٍ مادية تدفع إلى صراع اقتصادي و مالي.
- زيادة مؤججة للعنف و النزاع حيث ضحايا الخط الأول فيه هُنّ النساء.
و لكنها و بدرجة موازية أيضًا تتمتع أي المرأة بأدوار هامة على جميع صُعد العمل المناخي ، من المجتمعات المحلية إلى المنتديات العالمية.
و بناءً على تحالف العمل Climate justice coalition الذي عقدته هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشأن العمل النسوي للعدالة المناخية وخطة العمل الإنسانية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، جمع هذا اللقاء بين الوزراء والمجتمع المدني وقادة الأعمال والناشطين، حيث تمّ من خلاله الإعلان عن الالتزامات الجديدة وتقديم الحلول في السياسات. كما تمّ تقديم أمثلة حديثة و ناجحة من دول متعددة عن كيفية تمكين المرأة و المساواة بين الجنسين في العمل المناخي ، وإرسال رسالة مفادها أنه مع الإقرار بانتكاساتٍ و تراجع ملحوظ لمبدأ المساواة عموماً حيث يُعدُّ السبب الرئيسي في ذلك عدم التحليل الموضوعي لحاجات المجتمع الفعلية في حالة الأزمات إلا أن اللحظة المناسبة لتحقيق المساواة و للنوع الاجتماعي قد حانت و هي الآن حيث تزداد نسبة النساء و الفتيات في المجتمعات المهمشة وهُنّ يفتقدن الصوت و القوة و المصادر. و هُنّ أول من يُتركن في الخلف في حال الكوارث و الحروب. فالنساء هُنّ من مقدمات التغيير و الصراع. هُنّ صانعات الحياة و هُنّ المنجبات و هُنّ أول المُتأثرات بالتغييرات المناخية و هُنّ أيضاً الحل. هُنّ المدافعات عن البيئة. وهُنّ من يحمين مجتمعاتهن و محيطهن. لم تسبب النساء التلوث ولكنهن من تحمل عبء النتائج و المثال الأقرب هنا «واحدة من كل ثلاثة فتيات في العالم ليس لديهن مياه نظيفة .»
يدرك العديد ممن ذهب الى القمة أن إهمال مفهوم الجندر سيؤدي إلى خساراتٍ مضاعفة منها خسارة التنمية المستدامة و الخسارة المعرفية للتنمية. كما و يوم أيضاً أو بالنتيجة إلى أن المجتمعات القائمة على مساواة الجندر هي المجتمعات التي تتضاءل فيها مساحات العنف و الحروب.
سفيرة كندا للتغيير المناخي Patricia Fullerذكرت في كلمتها أمام القمة و في اليوم المُخصص للجندر أن كندا و من خلال مضاعفة التزاماتها و دعمها المالي للمؤسسات الدولية قد وضعت معايير أساسية فيما يتعلق بالمرأة و التغيير المناخي و برامج رسم و تطوير السياسة الجذرية حيث تعتمد بالدرجة الأولى على الخصوصية الجندرية أو Gender sensitive.
و أن حضور المرأة في صنع القرار هي أمر محوري ، والمحوري كذلك هو نسبة مشاركتها في عملية صنع القرار كم تبلغ على صعيد المنظمات و المؤسسات و في مجالس الشركات . كما أكدت السفيرة فولر على انخراط المرأة في السياسات المناخية و تطبيق هذه السياسات هو أمر واجب وبديهي و أن المرأة عامل مهم في مقاومة الأزمة المناخية التي تتطلب خبرات الجميع و مشاركتهم و إدراك المجتمعات للمرأة ودورها. كما و حضر في يوم الجندر وفد من الكونجرس الأمريكي برئاسة نانسي بيلوسي Nancy Pelosi التي أشارت إلى انه 80% من المشردين جراء الكوارث المناخية هُنّ من النساء . وإن المسألة المناخية هي مسألة عدالة ومساواة. في كلمتها ربطت ما بين العدالة الجندرية و التغيرات المناخية وقالت ان قيادة مستقبل الاقتصاد هو تعاون بين القطاع الخاص والعام والغير ربحي و أنه بحلول نهاية العام ستضاعف الولايات المتحدة الأمريكية من حصتها في المساهمة المالية لحل الأزمة المناخية وإن إعادة البناء بشكل أفضل لا يمكن أن يتم بدون النساء. Build back better with women.
ثم شاركت الحضور بسؤالٍ يُطرح عليها كإمرأة و سياسية مخضرمة إن كان لها دوراً عالمياً يوماً ما فماذا ستفعل؟ وأن ردها عليه دوماً أنه لو قُدّرَ لها ذلك و أن يكون لها دورا عالمياً فإن ما ستقوم به هو استثمار كامل في تعليم النساء والفتيات وتمكينهن وهذا سيحدث الفرق الحقيقي للعالم أجمع فعندما تنجح المرأة ينجح العالم.
وهكذا شهدنا انحسارات موجات الوباء كورونا و تقدم المجتمعات و دولها و مؤسسات دولية بالالتفات إلى مواضيع هامة تتقدمها التغيرات المناخية و كيفية معالجتها و استمرار انكساراتها ما يزيد من خطر الكوارث . كانت مساحة هامةً تتقدم فيها الدول الأكثر فقراً و اقل تطوراً كي تشرح مخاطر التغيرات المناخية على اقتصاداتها، مجتمعاتها، و مستقبل أبناءها وواجب الدول الصناعية المتقدمة في هذه الحالة في المشاركة بالحلول و تقديم المقترحات المفيدة.
و كانت أيضاً مؤشراً جيداً إلى أن المرأة ، المساواة باتت أساساً في كل المعادلات الدولية. قد نتفق أن هذا من حيث النظرية أما من حيث التطبيق فكل هذا الزخم و الالتزام الدولي سيكون هناك على أرض الواقع عملياً وستكون النساء هناك يتابّعنْ ويُقيّمنْ.
أسبوع سعيد لكم جميعاً.