أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن العدوان على غزة خلف وصمة عار على جبين الإنسانية.
وقال الرئيس السيسى – فى كلمته في افتتاح أعمال القمة العربية غير العادية بالعاصمة الإدارية الجديدة – إن الحرب على غزة استهدفت تدمير وتفريغ القطاع من سكانه وهو ما تتصدى له مصر ولن تشارك فيه.
وأكد الرئيس السيسى، أن مصر لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل، موجها الشكر لعاهل البحرين على جهوده المقدرة خلال رئاسة القمة العربية.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى، أتوجّه بدايةً بخالص التحية وجزيل الشكر لأخى، جلالة الملك حمد بن عيسى، عاهل مملكة البحرين، على جهوده المقدّرة طوال فترة رئاسته لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، ويطيب لى أن أهنئكم جميعًا وشعوبكم العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.
وأضاف “يسعدني أن أرحب بكم فى بلدكم الثانى، مصر، أرض الكنانة، التى تقف دائمًا مع الحق والعدل مهما اشتدت الخطوب وعظمت الكروب”.
وتابع “إن مشاركتكم اليوم فى هذه القمة غير العادية، فى خضم أزمة إقليمية بالغة التعقيد، واستجابةً لنداء فلسطين الشقيقة، تؤكد التزامكم الذى لا يتزعزع تجاه قضايا أمتكم المشروعة”.
وأكمل” يجمعنا اليوم واقع مؤلم في ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات جسام تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليمي، وتبدد ما تبقى من مرتكزات الأمن القومي العربي، وتهدد دولًا عربية مستقرة، كما تنتزع أراضي عربية من أصحابها دون سند من قانون أو شرع”.
وأضاف “إن ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلًا أمام ما حدث في غزة، لتسجّل كيف خسرت الإنسانية، وكيف خلّف العدوان على غزة وصمة عار في تاريخ البشرية، عنوانها نشر الكراهية، وانعدام الإنسانية، وغياب العدالة”.
وأوضح: إن أطفال ونساء غزة، الذين فقدوا ذويهم وقُتل منهم عشرات الآلاف وتيتّموا، ينظرون إليكم اليوم بعيون راجية لاستعادة الأمل في سلام عادل ودائم”.
وأكمل “إن الحرب الدائرة على قطاع غزة استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة، وسعت بقوة السلاح إلى تفريغ القطاع من سكانه، وكأنها تخيّر أهل غزة بين الفناء المحقق أو التهجير المفروض وهو الوضع الذي تتصدى له مصر انطلاقًا من موقفها التاريخي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، وبقائه عليها عزيزًا كريمًا، حتى نرفع الظلم عنه ولا نشارك فيه”.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن الممارسات اللاإنسانية التي يتعرض لها أهلنا في فلسطين أوهنت عزائم البعض، إلا أنني كنت دائما على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطيني الأبي الذي ضرب مثالا في الصمود والتمسك بالأرض ستقف عنده الشعوب الحرة بالتقدير والإعجاب.
وأضاف الرئيس السيسى أن عزيمة الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه هو مثل في الصمود من أجل استعادة الحقوق.
واستطرد قائلا إنني استذكر معكم في هذا الظرف الدقيق أن مصر التي دشنت السلام منذ ما يناهز خمسة عقود في منطقتنا وحرصت عليه وصانت عهودها حياله لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل الذي يحمي المقدرات ويصون الأرض ويحفظ السيادة.
وأشار إلى أن هذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر عام 1979 وألزمت كل طرف باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه وبما يفرض التزاما قانونيا بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيه كونه يمثل انتهاكا للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن مصر، من منطلق حرصها على الأمن والاستقرار الإقليميين، سعت منذ اليوم الأول للحرب على غزة إلى التوصل لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الأشقاء في قطر والأصدقاء في الولايات المتحدة، مضيفا أنه ما كان ذلك ليتحقق من دون الجهود المقدرة للرئيس دونالد ترامب وإدارته والتي نأمل أن تستمر وتتواصل بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار في غزة واستمرار التهدئة بين الجانبين وبعث الأمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة من أجل سلام دائم في المنطقة بين جميع الشعوب.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن مصر عملت بالتعاون مع الأشقاء في فلسطين، على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين؛ توكل إليها إدارة قطاع غزة؛ انطلاقًا من خبرات أعضائها، بحيث تكون هذه اللجنة مسؤولة عن الإشراف على عملية الإغاثة وإدارة قطاع غزة لفترة مؤقتة، وذلك تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وأضاف رئيس الجمهورية أن مصر تعكف – أيضا – على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية التي يتعيّن أن تتولى مهام حفظ الأمن خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن مصر عملت – بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية – على بلورة خطة شاملة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين؛ تبدأ بعملية الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولًا إلى إعادة بناء القطاع.
ودعا الرئيس إلى اعتماد هذه الخطة في القمة غير العادية اليوم، وحشد دعم دولي وإقليمي لها، فهي خطة تحفظ للشعب الفلسطيني حقه في إعادة بناء وطنه وتضمن بقاءه على أرضه، مؤكدا أن الخطة يجب أن تتزامن مع مسار واضح للسلام، يشمل الجوانب السياسية والأمنية، وتشارك فيه دول المنطقة بدعم من المجتمع الدولي، بهدف التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
كما دعا السيد رئيس الجمهورية، الدول الحرة إلى المساهمة في هذا المسار والمشاركة في مؤتمر إعادة الإعمار، الذي ستستضيفه مصر الشهر القادم”.. وقال “فلنجعل جميعًا من توجيه الدعم إلى الصندوق المنشأ لهذا الغرض غاية سامية، وواجبًا إنسانيًا، وحقًا لكل طفل فلسطيني ولكل عائلة في العيش في بيئة آمنة وحضارية مثل باقي شعوب العالم”.
وشدد – في خضم الأحداث المتلاحقة – على إعلاء رفضنا القاطع للاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الاقتحامات العسكرية لمدن ومخيمات الضفة، و الأنشطة الاستيطانية، ومصادرة الأراضي.
وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رفضه الشديد، محذرا في الوقت ذاته، من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الاقصى والانتهاك المتعمد لحرمته والمساس بالوضع القائم به.
وقال رئيس الجمهورية إن “القدس ليست مجرد مدينة بل هي رمز لهويتنا وقضيتنا، وأن الحديث عن التوصل الى السلام في الشرق الأوسط دون تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو لغو غير قابل للتحقق”.
وأكد أنه لن يكون هناك سلام حقيقي دون إقامة الدولة الفلسطينية، وأن السلام لن يتأتى بالقوة، ولا يمكن فرضه عنوة، ولا بد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع توفير الضمانات اللازمة في الوقت ذاته لحفظ أمن إسرائيل.
وأضاف: ما نشهده من تكرار لحلقات العنف المفرغة واستمرار لمعاناة الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من 7 عقود؛ يوجب علينا النظر بعين موضوعية نحو الواقع والتعاطي مع الحقائق؛ ويحتم علينا أن نتحد جميعا للتوصل إلى السلام الدائم المنشود؛ وبالتالي الاستقرار والرخاء الاقتصادي والتعايش الطبيعي فيما بين شعوب المنطقة.
وتابع: لننظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية عام 1979؛ كنموذج يحتذى به لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة في الانتقام إلى سلام دائم وعلاقات دبلوماسية متبادلة.
وأضاف: آن الأوان لتبني إطلاق مسار سياسي جاد وفعال؛ يفضي إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.. مستطردا “لدي يقين أن الرئيس دونالد ترامب قادر على القيام بذلك في ظل رغبتنا الصادقة في وضع نهاية للتوترات والعداءات في منطقتنا”.