بقلم: فريد زمكحل
ربما كنت الصحفي الوحيد على مستوى العالم الذي أكد على فوز السيد دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ظهرت نتائجها فجر الأربعاء التاسع من نوفمبر. وكان ذلك من خلال ثلاثة مقالات متتالية نشرت تباعاً في العدد 382 الصادر بتاريخ 30/9/2016 تحت عنوان (المناظرة الأولى وانتخابات الرئاسة الأمريكية)، وفي العدد 383 الصادر بتاريخ 21/10/2016 تحت عنوان (المناظرة الثالثة والأخيرة)، وأخيراً في العدد 384 الصادر في 31/10/2016 تحت عنوان (البيت الأبيض .. هدية الميلاد لدونالد ترامب)، الذي أكدت فيه للمرة الثالثة على التوالي على فوز السيد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في سبق وانفراد وشجاعة لم تتوافر لصحفي على وجه المسكونة أو لصحفية أو أي وسيلة إعلامية أخرى.
وكانت رؤيتي في هذا الخصوص لا تنطوي على الأمنيات بقدر ما كانت تعتمد على الحسابات الدقيقة لكل ما يصدر عن الحملتين والمرشحين وكل ما تقوله وتعلنه كبرى وسائل الاعلام الأمريكية المنحازة أغلبها للحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون أو تلك المنحازة للحزب الجمهوري ومرشحه السيد رونالد ترامب، ولكن بصورة أقرب للتحفظ حرصاً على المصداقية ومراعاة لمصالحها.
واعترف بأني الوحيد الذي شذذت عن المجموع وأكدت على الفوز المنتظر رغم استطلاعات الرأي التي كانت على عكس ما كنت اؤكد عليه وأعلنه بكل شجاعة وثقة بالنفس كانت محل إعجاب البعض ومحل استهزاء وسخرية من البعض الآخر.
والسؤال هنا هو كيف توصلت لاعلان فوز السيد ترامب قبل بدء وإعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية بشهر ونصف الشهر تقريباً؟
والرد على هذا السؤال اكثر من سهل خاصة بعد قراءة المشهد الداخلي لوسائل الاعلام الأمريكية وربطه بالمشهد العام لكل ما دار ويدور في جميع دول العالم من احداث كان لها الوقع الأكبر في تأكيدي على هذا الفوز الساحق والكبير للسيد ترامب وكان من أهمها التالي:
1- الكذب الفاضح والمستمر لكافة وسائل الإعلام الأمريكية في قلب الحقائق ونشر الأكاذيب على مدار العامين الآخيرين على أقل تقدير في تناولها لكافة القضايا الساخنة المطروحة على الساحة، سواء بالنسبة لحقيقة الوضع الدائر في سوريا وليبيا والعراق وتونس واليمن ومصر والتعمد بوصف الأشياء والوقائع على غير الحقيقة وعلى غير الواقع الحقيقي لها، مثل وصف المتطرفين المسلحين في سوريا وليبيا بالمعارضة الشريفة، ووصفها الدائم والمستمر للموقف الروسي في المنطقة بالداعم للأنظمة الديكتاتورية ضد الحرية والديمقراطية وقوى المعارضة الشعبية الشريفة. هذا بخلاف ما بثته هذه الوسائل الاعلامية المأجورة من أكاذيب فيما يتعلق بثورة الثلاثين من يونيو للاطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من سدة الحكم في مصر نزولا على رغبة أكثر من 30 مليون مواطن افترشوا الشوارع والطرقات والميادين تعبيراً عن رغبتهم في تحقيق ذلك من خلال الجيش وبتفويض شعبي غير مسبوق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للقيام بهذا الأمر وقيادة مصر بعيداً عن الحكم الديني الراديكالي لجماعة الأخوان المسلمين وفرقهم الإجرامية المسلحة في الداخل والخارج وتعاملت معه إدارة أوباما على أنه انقلاب.
2- قيام السيد ترامب بفضح صورة الحكم الديمقراطي بقيادة أوباما وبمشاركة هيلاري في المنطقة والعالم أمام المواطن الأمريكي وحجم الجرائم التي قاما بها لمساندة الإرهاب والتطرف في العالم على حساب الشعب الأمريكي من دافعي الضرائب، ما أدى إلى تضخم الدين العام للدولة بالإضافة لفقد جميع دول العالم للثقة بالسياسات الخارجية الطائشة والخاطئة للولايات المتحدة الامريكية حول العالم.
3- تسخير إدارة أوباما وفرض سيطرتها التامة على كافة وسائل استطلاع الرأي العاملة في الولايات المتحدة من خلال التمويلات الخليجية من بعض الأنظمة الراديكالية الاسلامية المتطرفة والمشبوهة في العالم لتضليل الرأي العام الأمريكي وعزله عن معرفة الصورة الحقيقية للوضع المتأزم في العالم بسبب المواقف المزدوجة المعايير للنظام الأمريكي الحاكم.
4- وضوح وتلقائية ترامب في الرد على كافة الأسئلة التي وجهت له خلال المناظرات الثلاثة التي أقيمت بينه وبين كلينتون ولمست المواطن الأمريكي المغلوب على أمره منذ سنوات طوال.
5- الدور المشبوه لكلينتون والآلة الإعلامية الأمريكية للتعظيم من حجم ودور الأقليات في إمكانية التأثير وحسم نتائج الانتخابات الأمريكية لصالحها ما عمل على استفزاز مشاعر الأغلبية البيضاء من المواطنين الذين انتفضوا لمساندة ترامب وتحقيق فوزه بهذا الشكل الساحق والمهين للحزب الديمقراطي ومرشحته، وخاصة للرئيس أوباما الجالس في البيت الأبيض بعد فشله في تحقيق أي من وعوده الانتخابية طوال مدة حكمه لتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن الأمريكي أو في خلق فرص حقيقية للقضاء على البطالة وتردي الأحوال المعيشية للفئة الأكبر من الأمريكيين.
6- ساهم الانحياز الأعمى لوسائل الإعلام الأمريكية لكلينتون والتأكيد على نجاحها بصورة لا تقبل الشك في عزوف البعض من مؤيديها بالإدلاء بأصواتهم على أساس أن النجاح محسوم لصالحها مائة في المائة.
7- الهجوم الشرس على خصمها لتصويره بأنه مجمع من الموبيقات في شخص دفع المواطن الأمريكي لمساندة ترامب عملا بالمثل القائل «الشئ الزائد عن حده ينقلب لضده» وهو ما حدث وأدى إلى هذه الهزيمة النكراء التي لحقت بالحزب الديمقراطي والسيدة كلينتون والرئيس أوباما وكافة الإدارات الأمريكية المعاونة لهم وألحق العار بهم وبجميع وسائل الإعلام الأمريكية وجميع منظمات إستطلاع الرأي العاملة فيها.
8- فريق العمل المتميز والهادئ المشرف على حملة دونالد ترامب والذي استطاع أن يفرض خطة عمله على البيت الأبيض والحزب الديمقراطي وجميع المؤسسات المساندة له.
9- عدم احترام الحزب الديمقراطي ومرشحته لقدرات الخصم وذكائه التلقائي الملفت للأذكياء لا .. الأغبياء و المأجورين و المتعالين، والذي ظهر جلياً في خطاب الرئيس ترامب بعد الفوز مباشرة.
10- نزول الرئيس أوباما من موقع السلطة كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية لمساندة هيلاري كانت اللحظات الفاصلة في تحويل كافة أصوات المقاطعات المتأرجحة لصالح ترامب الذي وفقه الله أولا وأخيراً للوصول إلى سدة الحكم الأمريكي كأول رئيس جمهوري يجلس في البيت الأبيض مع أغلبية من الجمهوريين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
ألف .. ألف مبروك للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وللشعب الأمريكي الصديق الذي نسأل الله له ولرئيسه الجديد كل التوفيق في إصلاح كل ما أفسده هذا الحكم الشيطاني في الولايات المتحدة الأمريكية وجميع دول العالم، وللقضاء على جحافل الإرهاب والتطرف والإجرام قولاً وفعلاً.