بقلم: عادل عطية
في إحدى رسائله لأبنه، كتب اللورد تشيسترفيلد هذه الكلمات: “ثمة أمر لا يتحمله الناس ولا يصفحون عنه اطلاقاً، وهو وقوعهم ضحية للإزدراء والاحتقار. فالأذى الجسدي يُنسى بسرعة بينما الإهانة تبقى تعتمل في النفس”!
وعندما نرى كرامة الإنسانية، ومشاعرها، مُبعثرة على التراب، والأقدام الهمجية الشرسة تطئها بلا معنى، وبلا رادع، ألا يتوجب علينا أن نتساءل: “لماذا؟!”.. حتى نجد ولو إجابة واحدة في حدود اجتهاداتنا المضنية، نبدأ منها طريق الارتقاء لا طريق الإزدراء!
لا أستطيع التوقف عن طرح الأسئلة، بجوار بعض الإزدراءات التي لا تعد ولا تحصى..
لماذا نزدري الآخرين سواء في أشكالهم وألوانهم، وكذلك في أنسابهم، أو حتى في جنسياتهم؟!
لماذا نزدري الإنسان في عقله، وفي إيمانياته، ومعتقداته؟!
لماذا نزدري أساليب الحوار المتحضّرة؟!
لماذا كل هذه الإزدراءات، وغيرها؟!
هل هي العنصرية، التي تطفح بالتعظم والتصنيف، والتفريق والتمييز؟!
هل هي إسقاطات متناثرة من داخل إنسان يعاني من صغر النفس؟!
هل هي السادية، التي تمنح أصحابها اللذة والمتعة، وهم يصغون إلى أنّات المعذبين والمتألمين، وهم يجلدون منهم بسياط أحاديثهم، واستهزاءاتهم، واحتقاراتهم؟!
هل هو وباء الارتداد العام عن مثلنا العليا، استجابة لنفخة شريرة من روح شيطانية، تسيطر على كياننا إلى الحد الذي لم يعد يرتعب أحد من التطاول والافتراء على عقيدة سماوية؟!
هل لم نعد نخاف الله، أم لم نعد نعيره أهتمامنا، أم صرنا نتصرف وكأنه غير موجود. ونتحكم في غيرنا وكأننا بديل لإله مجهول على الأرض؟!
وهل يعتقد المزدارين بغيرهم، أنهم في منأى عن الإزدراء، وأن دائرة الفعل ورد الفعل لن تأتي بهم حتماً إلى حيث المزدرى بهم؟!
الإزدراء يعنى طرد الله من قلبنا، وطرد الأخلاقيات والقيم من مجتمعاتنا، ويعني إزدراء الحياة بأكملها. وان لم نتدارك فعلتنا هذه المشينة، فسنجد الدافع الرئيسي للإنتحار الجماعي الوائد مع الموءود!…