بقلم : خالد بنيصغي
لا زالت دموع المشتكين المتضررين من جائحة «كورونا» تنساب على الخدود وهم يطالبون الحكومة المغربية بالدعم المالي لاجتياز هذه المرحلة الصعبة ..
قامت الدولة المغربية بالعديد من المبادرات في هذا الشأن ، لكنها وللأسف الشديد ارتكبت مجموعة من الأخطاء في ترشيد نفقاتها ومساعداتها ، ولم تكن عادلة في تقديم هذا الدعم المادي للمواطنين .
ففي الوقت الذي « أَلْهَت» فيه الفقراء بدريهمات معدودة لا تفي أي غرض ، وأيضا حتى هذه المبالغ زهيدة جدا (ما بين 800 درهم و1200 درهم ) أي ( ما يعادل 114 دولار كندي كحد أدنى و121 دولار كندي كحد أقصى) وذلك بحسب عدد أفراد الأسرة ، وهؤلاء الفقراء يستحقون من مغربهم على الأقل مضاعفة هذه المبالغ ، خصوصا إذا علمنا أن صندوق « كورونا» لهذه الفئة كان من إحسان المغاربة في الداخل والخارج .. مما يعني أن الدولة المغربية لم تنفق من خزينتها في هذا الموضوع، اللهم من صندوق الضمان الاجتماعي وهو أيضا من اقتطاعات الموظفين والعمال المغاربة ، وصُرِفَ على المنخرطين في هذا الصندوق
هذه الفئة التي تستحق فعلا دعما ماليا ونفسيا لأنها فقدت عملها في سوق الشغل ، وفقدت قوت يومها ، لكن الحكومة المغربية تفاجئنا بصرف مساعدات من أموال الشعب وبسخاء على فئة أصلا هي إما غنية ، أو على الأقل تعيش في مستوى لائق ، وليست فقيرة على الإطلاق ، وهنا نقصد فئتيْن ممن مُنِحوا دعماً محترما ومقبولا ( فئة المحامين ) ثم فئة ( الفنانين ) ..
المحامون تلقوا دعما لا يشعرون معه بأي خصاص في هذه الظروف ( 5000 درهم ) ما يعادل ( 714 دولار كندي ) وهو ضِعْف المبلغ المخصص مثلا للحد الأدنى للأجور ، أي إنه مبلغ يتقاضاه فردان من المأجورين المغاربة وهذا في حالة إذا طُبِّق قانون الحد الأدنى للأجور ؟؟ وإلا سيكون المبلغ في الغالب يصل – وبدون مبالغة – إلى ما يعادل مداخيل هذه الفئة المسحوقة لأربعة او خمسة أشخاص ؟؟ ومع هذا عبر المحامون عن امتعاضهم وتذمرهم من هذا الدعم واعتبروه مبلغا هزيلا؟؟ فيا للعجب ؟؟ يريدون من الدولة أن تمنحهم ما يكفي لاستخلاص اقتطاعات أراضيهم أو شققهم الفاخرة وملء سياراتهم بما يكفي من « البنزين « ودفع مبالغ دراسة أبنائهم الباهظة .. فما هذا الهراء والجشع ؟؟ مع العلم أن أغلب المحامين يعيشون ثراء فاحشا ، وهذا أمر يعرف البادي والعادي من المغاربة ..
الضجة الثانية اليوم تتمثل في دعم وصل إلى ( مليار و400 مليون سنتيم ) لفائدة الفنانين ، إنه العدل يجري في ردهات الحكومة ؟؟ هذا المبلغ الضخم الذي اقتسمه فنانون لا علاقة لهم بالفن ( وشهد شاهد من أهلها ) حيث إن المطربة « لطيفة رأفت « خرجت بفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تقر فيه بأن أغلب الذين استفادوا من الدعم لا علاقة لهم بالموسيقى أو الغناء ؟؟ كما عبرت عن امتعاضها من عدم استفادتها من هذا الدعم ، وطالبت الحكومة بصرف هذا المبلغ بالعدل ولو على مواطنين عاديين فقراء لأنهم يتضرعون جوعا ، فيما قالت إنها تتنزه عن المطالبة بأي دعم لها ، ولكنها طالبت بدعم موسيقيين ومطربين لم يصلهم الدعم وأصبحوا يبيعون أدواتهم الموسيقية من أجل لقمة العيش ؟؟
لكننا نسائل ضمير الحكومة ، وبالأخص وزارة الثقافة إن كان حقا هناك فن أصلا ، إلا إذا كنا لا نشعر به ولا نراه ؟؟ عن أي فن يتحدثون ؟؟ هل ما يوجد في الساحة المغربية الآن من مطربين وأغاني ورقص يعتبر فنّاً ؟؟ وهل الكلمات المبتذلة الآن تعتبر فنا ؟؟ ونسأل سؤالا مباشرا للسيد وزير الثقافة هل يعتبر هؤلاء فنانون ؟؟ وهل كلهم يستحقون هذا المبلغ الضخم والفقراء في المغرب أصبحوا لا يجدون ما يملؤون به بطونهم ؟؟ هل هم حقا فنانون مبدعون واستحقوا هذا المال الضخم لأجل إبداعهم في المجال الفني ؟؟ أم فقط لأنهم يعملون في الحقل الفني ولو بدون إبداع ؟؟ نريد أن نعرف إن كانوا مبدعين أم لا ؟؟ نحن ندرك أن الفن إبداع ، وفي نفس الوقت لا نرى أي إبداع في المجال الفني بالمغرب إلا لماماً – جدلا فقط – لا نراه لا في الموسيقى ولا في التمثيل ، ولكن ما نراه بكل تأكيد هو إجماع المغاربة المسحوقين والغيورين على هذا الوطن بأن الحكومة المغربية تتفنن في إهدار المال العام .. والمغاربة لن يسامحوا المسؤولين أبدا .. دمتم بود