بقلم : نعمة الله رياض
خلق الله الإنسان، ذكراً وأنثي ، وقال لهم أثمروا وأكثروا وإملأوا الأرض وإخضعوها .. وقال للمراة : إلي رجلك يكون إشتياقك ، وهو يسود عليك .. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكون الإثنان جسداً واحد\ً .. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان ..
هكذا بدأت الخليقة ، وإستمرت حتي الآن وفق آلية التكاثر بين الذكر والأنثي والتي تمارسها معظم أنواع المخلوقات علي الأرض ، وتعمل هذه الآلية علي الإختيار الغريزي لكل من الذكر والأنثي الذي يضمن تطور النسل إلي الأفضل ، ويمارس فيه الذكر والأنثي دورين متكاملين في لعبة أزلية تحافظ علي إستمرارية النسل منذ بدء الخليقة، تختار فيه الأنثي الذكر الذي إنجذبت اليه ليكون أباً لذريتها ويكون هذا الإختيار ، إن أمكن ، لأفضل ذكر من بين الذكور الذين يطلبون الزواج منها ، في حالة البشر ، وذلك لضمان أفضل صفات وراثية تجعل الأبناء أقدر علي مواجهه مصاعب الحياة، وفي المقابل يفضل الذكر أنثي معينة لأسباب مشابهة أهمها عند البشر الجمال ومستوي التعليم والنشأة وغيرها من العوامل .. إليكم القصة الواقعية التالية:
أثناء تواجدي في فترة الراحة بين المحاضرات ، رأيتها في المطعم الموجود في فناء الكلية، كانت تطلب من البائع باقي ثمن الشطائر التي إشترتها ، وهو يعتذر لعدم وجود عملات صغيرة ويطلب منها الإنتظار ، كانت فتاة جميلة للغاية لفت نظري صغر سنها وملامح وجهها البرئ ، عرضت عليها دفع الحساب علي أن أسترده منها فيما بعد، غير أنها إعتذرت رافضة ، ولكن امام إصراري وافقت علي طلبي علي أن نلتقي في اليوم التالي أمام المطعم لتعيد إلي نقودي..
إنصرفت وأنا مسرور ، فقد كان ذلك أول موعد مع فتاة في حياتي ، في اليوم التالي دعوتها للجلوس علي مائدة في المطعم وتناول وجبة سريعه ومشروب لكل منا ، تحدثت معها حديثًا عابرًا ،علمت منها إنها في السنة الأولي في نفس تخصصي ، بينما كنت أنا في السنه النهائية .. تكررت اللقاءات. وجدت نفسي أفتعل المواقف لإتحدث معها. أنتظر لقاءها، أفكر فيها ليل نهار، طلبت مني أن أشرح لها بعض المحاضرات ، فرحبت بذلك وكنا نلتقي في مكتبة الكلية لمراجعة الدروس إلي أن إقترحت علي أن نلتقي في بيت أسرتها ، فكانت فرصة للتعرف على عائلتها الميسورة والتي رحبت بي .. مرت الأيام وقررت البوح بمكنون شعوري نحوها فبادلتني نفس المشاعر ، كأنها كانت تنتظر مبادرتي .. شئ غامض يبعثه الربيع في قلوب البشر. يوقظ فيها أحاسيس الحب والإقبال على الحياة ، ذلك اليوم الذي تصارحنا فيه بحبنا ، داهمني شعور آسرٌ بصفاءِ ونقاءِ الوجود بلا شائبة تشوبه ..
تخرجت من الجامعه بتفوق ، وكلفني أبي بإدارة مشروعاته ، وحان الوقت للتقدم لها وطلب الزواج .. قضينا بعد الزواج سنين عديدة ، تذوقنا فيها طعم السعادة والهناء ، توجت بطفلين غاية في الجمال والذكاء ، نتمني أن يصبحا أفضل منا ، وقد أضافا لحياتنا البهجة والسرور، ولم يكن الزواج بالطبع ، كمعظم الزيجات ، خالي من بعض المشاكل والمشاجرات الصغيرة التي كنا نتغلب عليها ونتفادي فيها القطيعه التامة ، وهذا راجع لمحبتنا واحترامنا كل منا للآخر .. ولكن جاء وقت فقدنا فيه أعصابنا وتشاجرنا وغادرت المنزل حزيناً وأقمت في شقة أملكها في الساحل الشمالي ، كنت منكباً علي العمل لساعات طويلة لإنسي وحدتي، تضاعفت فيها زياراتي التفقدية لمشروعات أبي التي أديرها .
ذات يوم قابلتها أثناء إنجازي لبعض المهام في شركة إستثمارية أتعامل معها ، فتاة شقراء ، جمعت كل شروط الجمال، فلجأت فوراً إلي كلمة السر: أعلنت لها أنها أجمل فتاة رأيتها حتي الآن ، ولم أضيع الوقت ، إقترحت عليها أن ترحل معي الي المدينة الساحلية التي أمتلك فيها شقة ، ووعدتها أن نتزوج هناك .. إستقالت من وظيفتها ولحقت بي .. كم كانت الحياة جميلة في هذه الشقة حيث أقمنا ، وقد طابت لها الحياة هناك وشعرت بالسعادة التي لم تستمر لأكثر من أسبوعين عندما قلت لها: لقد انتهت قصتي معك، ولم نتزوج حتي الآن، أليس كذلك ؟ وقد قضينا وقتاً ممتعا ً بعد أن أتيت إلى هنا بمحض رغبتك، هذا كل شيء !!! لن أظلمك خذي هذا الشيك المصرفي ، به مبلغ كافي من المال يغطي إحتياجاتك حتي تلتحقي بوظيفة أخري.. لم تكن صديقتي ماهرة لتحتال علي حتى تجعلني لا أُفلت من يدها، بل وفوق ذلك كادت تفقد ثقتها في جمالها الجذاب، للحد الذي يلزمني أن أمكث معها ولا أتركها أبدًا ، بدأت تتودد إلي مرة أخري: لا تدعنا نفترق يا حبيبي، لا تتركني أرجوك ..إنك لم تسأم مني بعد! من المؤكد أن إمرأة أخري قد ملكت عليك حواسك ، فقلت لها: لقد خمنت الحقيقة ، هي فعلاً إمرأة أخرى فصاحت: سأجد هذه المرأة وسأحذرها، سأذكر لها أن فتنتك لا تدوم إلا ليلة واحدة، إبتسمت وقلت: إنها تعرف عني كل شيء ، فهي زوجتي …!.
شعرت صديقتي بالإهانة حينما عرفت أنها لم تكن إلَّا ألعوبة لمدة قصيرة، وأني لم أمكث معها إلا تسلية لنفسي ريثما يزول الغضب الذي كنت أشعر به نحو المرأة التي أحبُّها حقيقة.. والتي كان حبها كالميلاد والموت لا يحدثان إلا لمرة واحدة، ولا يفر منهما أحد ..
وهكذا عدت إلي زوجتي ، وقد غالبت شكوكها نحوي وآثرت السلامة حفاظا علي الأسرة والأولاد .. مر شهران علي ذلك ، عندماعدت من العمل ذات يوم ، إحتضنت زوجتي وقبلتها وقدمت لها هدية وقلت لها: سأذهب يا حبيبتي إلي ساحل البحر الأحمر في مهمة عمل تستغرق أسبوعين !!!