بقلم: هيثم السباعي
دعونا نكمل حديثنا عن المصالح الروسية في سورية وما تحقق منها قبل الخوض بمؤتمرات الأستانه وقبلها تداعيات الضربة الصاروخيه الأميريكية على مطار الشعيرات.
كانت الدول الأوروبية تسعى، عمداً لمد خط أنابيب لنقل الغاز من إحدى دول الخليج إلى القارة العجوز كي تستعيض فيه عن الغاز الروسي الذي سيتسبب بخسائر إقتصادية كبيرة لها. أيضاً، هناك، ولكن بأهمية أقل، النفط والغاز المتوقع إستكشافة في المياه الإقليمية السورية الذي تؤكد إحتمالاته الكبيرة الإكتشافات الإسرائيلية والقبرصية والمصرية والإحتمالات الكبيرة لمثل هذه الإحتياطيات في المياه الإقليمية اللبنانيه. ذكرت أيضا على هذه الصفحة أن روسيا وقعت في نهاية عام ٢٠١٤ مع الحكومة السورية عقداً لإستكشاف وإنتاج النفط والغاز في السواحل السورية مدته ٢٥ عاماً.
يمكن تلخيص أهداف التدخل الروسي في سورية بما يلي:
١. توجيه رسالة للعالم وخاصة الغربي مفادها أن روسيا دولة عظمى، وبالتالي لاعب رئيسي في الساحة الدوليه.
٢. الحفاظ على مصالحها الإستراتيجيه من خلال تواجدها بقوة في قاعدتين جوية وبحرية في شرقي البحر الأبيض المتوسط.
٣. إحباط أي محاولة لمد خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من الخليج إلى أوروپا عبر سورية والتي أبطلته بإتفاق مع تركيا يمر عبرها خط لنقل الغاز إلى أوروپا.
٤. تفردها بحل الأزمة السورية بما يتفق مع مصالحها الحيوية، من خلال تحقيق الحملة العسكرية الروسية لأهدافها الجيواستراتيجية المتمثلة في السيطرة على مسرح العمليات العسكرية في سوريا بدل الولايات المتحدة.
٥. إقامة قواعد عسكرية جنوب الناتو تؤمن لها ضرب أهداف حيوية غربية و سرعة الوصول إلى البحر الأحمر و المحيط الإطلنطي في حال حصول أي حرب محتملة مع الغرب في المستقبل.
الضربة الأميريكية:
تعرضت مدينة خان شيخون في محافظة إدلب، شمال سورية والتي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في الصباح الباكر من الرابع من نيسان (أبريل) الماضي لقصف بنوعين من الغاز، حسب عدة مصادر أهمها تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائيه التي أكدت من خلال فحص الضحايا أنهم تعرضوا إلى غاز الأعصاب (سارين) وغاز الكلور. بلغ عد الضحايا بداية القصف ٥٨ شخصاً وجرح ٢٠٠، أثناء نومهم أغلبهم من النساء والأطفال. إرتفع عدد الضحايا فيما بعد إلى ١٠٠ ضحية، حسب ناشطين محليين.
كانت الإدارة الأميريكية قد صرحت قبل أيام من القصف أن إزاحة الرئيس الأسد من منصبه لم تعد من أولوياتها. ولكن الرئيس الأميريكي ‘دونالد ترامب’ أعلن بعد القصف أنه غير رأيه وأن الرئيس الأسد قد تجاوز العديد من الخطوط الحمر، وعندما سأله أحد الصحفيين ماذا ستفعل؟ أجابه: سترى.
بتاريخ السابع من نيسان (أبريل) قامت السفن الحربيه الأميريكية التابعة للأسطول السادس العامل في البحر الأبيض المتوسط بإطلاق ٥٩ صاروخاً عابراً للقارات من طراز توماهوك (ورد في المقاله السابقة أنها من طراز پاتريوت، فإقتضى التصحيح والإعتذار عن الخطأ) على مطار الشعيرات التي إنطلقت منه الطائرتان اللتان قصفتا خان شيخون. صرحت القيادة الأميريكية أنه جرى إعلام روسيا بالقصف قبل بدئه. الغريب أن روسيا لم تُبْد أي إعتراض ولا إتخذت أي إجراء ضده أو العمل على إيقافه أو إعتراضه!!! أعلنت القيادة العسكرية الأميريكيه أيضاً أن صواريخها تجنبت إصابة طائرات الهيليكوبتر الروسية وطواقمها الموجودة في المطار، كما أنها تجنبت إصابة مستودع الأسلحة الكيميائيه الموجود في المطار خوفاً على حياة المدنيين من إنتشار الغازات السامة وتعبيراً، غير مباشر عن دقة الإصابات. إستشهد ستة من الجنود السوريين نتيجة حصار النيران لهم قبل أن يتمكنوا من إخلاء المبنى الذي كانوا موجودين فيه.
كذبت، طبعاً وسائل الإعلام السورية والروسية الإتهامات التي وجهت للنظام على أنه وراء القصف، وظهر التناقض بين إدعاء النظام والإدعاء الروسي حول توقيت القصف. إذ أكدت وسائل إعلام النظام أن القصف وقع صباحاً بينما أعلن المسؤولون الروس أنه وقع في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد ظهر ذلك اليوم.
إستخدمت روسيا حق النقض (الڤيتو) للمرة الثامنه ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يدين ويعاقب النظام السوري. إكتفت الولايات المتحدة بهذا القصف، وكأنها أرادت توجيه رسالة إلى روسيا وحلفاءها بأنها عادت وبقوة إلى االمنطقة.
في العدد القادم سنتطرق إلى مؤتمرات الأستانه ونتائجها.