بقلم: يوسف زمكحل
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أثار الغضب في جميع انحاء العالم العربي والغربي فخرجت الجماهير في معظم دول العالم تستنكر هذا القرار الذي يبدو أنه اتخذه تحت ضغط من الكونجرس ومن فيهم ممن يمثلون اللوبي الصهيوني والحقيقة وبعد ما يقرب من تسعة وستين عاماً من نشأة دولة إسرائيل والعالم العربي يعاني من آثار احتلال إسرائيل لفلسطين الأمر الذي اشعل منطقة الشرق الأوسط على فترات من التاريخ ثم تخمد النيران فترة لتعاود الاشتعال مرة أخرى والحقيقة من وجهة نظري أن ليس الرئيس ترامب هو الذي أضاع القدس ولا العرب الضعفاء المتفرقون ومنهم الخائنون ولا الغرب المنحاز لإسرائيل ولكن الذي اضاع القدس هم الفلسطينيون أنفسهم بسبب غباء بعض القادة فكانت الفرصة لديهم بعد حرب أكتوبر 1973 وانتصار مصر عسكرياً ودخولها بعد ذلك في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي ثم وجهت الدعوة لمفاوضات سلام بفندق مينا هاوس الواقع قرب منطقة الأهرامات بالقاهرة وهذه المفاوضات سوف تشمل الشكل النهائي للقدس ومناقشة شاملة للقضية الفلسطينية برمتها من أجل استعادة الأرض التي احتلت بعد عدوان 1967 وكان المفروض أن يحضر الوفد الفلسطيني والسعودي والسوري والأردني مع وفد مصر وإسرائيل والولايات المتحدة وعقد المؤتمر فعلا في ديسمبر 1977 بدون الوفد الفلسطيني والسوري والسعودي والأردني بحجة رفضهم الجلوس مع الإسرائيليين وطبعاً لم يخرج المؤتمر بنتائج مهمة لأن صاحب القضية الأساسي لم يأتِ وبدأ الهجوم العربي على أنور السادات واتهموه بالعمالة والخيانة وكلنا نعرف ما الذي أتُخذ في مؤتمر بغداد الذي دعا إلى مقاطعة مصر خصوصاً بعد إبرامها لاتفاقية السلام الذي تم في 17 سبتمبر 1978 في منتجع كامب دافيد بأمريكا بعد 12 يوماً من المفاوضات الضارية بين الوفدين المصري والإسرائيلي واستعادت مصر أراضيها كاملة ولم يستعد ياسر عرفات أي شبر بسبب تعنته في الحضور ثم أخيراً وبعد عدة سنوات رأي ياسر عرفات الدخول في مفاوضات سلام مع أسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الراحل تحت رعاية بيل كلينتون الرئيس السابق لأمريكا وأستطاع عرفات أن يستعيد جزء صغير من الأرض المحتلة وهي غزة وأريحا ثم مات ياسر عرفات وجاء عباس أبو مازن إلى الحكم إلا أن اسماعيل هنية أقيل فأنقلب على أبو مازن ومنع دخول فتح إلى غزة وضاعت القضية برمتها تحت أهواء ومصالح قادتها وأخيراً تمت المصالحة بين غزة ورام الله برعاية مصرية وبعدها بأيام أتخذ ترامب قراره الذي أصاب القضية الفلسطينية في مقتل ولا حل إلا العودة للمفاوضات التي كانت لو تمت في عام 1977 لربما كانت القدس اليوم تحت الحكم الفلسطيني ولا حول ولا قوة إلا بالله .!