بقلم: عادل عطية
رأيت آيات معمارية غاية في الابداع، والروعة، والجمال، وهي تتحطم طوبة وراء طوبة، ثم تنهار في الظلمة، لتتحول إلى يباب، وخراب قميء!
وسمعت صرخات وتأوهات مؤسفة، تضج بالألم والوجيعة، وهي تملأ الأرض والسماء عويلاُ، تتوسل إلى المسئولين “الرحمة”، لكنهم كانوا كمن يستنجدون بطريقة رجل غريق، كان يغرق، وصوت الغريق لا ينقذه أبداً، لأن واضعي قرارات الازالة، يضعون أصابع الكبرياء في آذانهم، وبدوا وقحين وبريئين في لامبالاتهم تجاه عذابات المنكوبين!
ها هي ذا الجرافات، تزحف كالخريف، وتحط رحالها على المباني، وتتركها بلا حياة، كأنما لا شيء يستحق الوجود، وكأنها تؤكد انها لمناسبة تُقدّر فيها السلطات سحر قوتها، وجبروتها. وانهم يستطيعون هدم الجبال إذا هم أرادوا أن يحاولوا، ولسان حالهم الخبيث ـ بوجهة نظر أحادية ـ: النهاية هي بداية جديدة!
قد تكون هذه الإجراءات العلقم، والتي يصعب ابتلاعها، رداً على حماقات غزيرة وسائدة، ارتكبها ويرتكبها أناس عقولهم مصابة بمرض التحدي، وعلى آخرين بنوا اهرامات من التصورات غير الصحيحة، فلم تحقق أحلامهم مع الوطن تناغماً كاملاً!
وقبل أن نقول إن هذا الأمر يخالف العالم، وأنه عمل خاطئ، وخاطئ جداً، تضعك الحكومة أمام خيار صعب، يُذكرني بالسؤال الذي سألته أمينة الصندوق ـ بأحد المحلات التجارية ـ للزبون، وهي تشير إلى مشترياته: هل تريد أن تدمر شجرة باستخدام أكياس ورق، أم تهدد البيئة باستخدام أكياس نايلون؟!
لكن الحكومة وهي تدير هذا العذاب المُقنّع، تتجاهل الأبرياء وحسنو النيّة، الذين وقعوا تحت سلطة الفساد المخادع والمضلل، الذي استشرى كالنار في الهشيم تحت مظلاتها المتعددة!
أعرف أن هناك من جرّف الأرض الزراعية، وحوّلها إلى أرض اسمنتية، ولكن حاسبوا من تغاضى عن زحف الموت على الاخضرار، وترك الأبنية ترتفع دون رادع!
أعرف أن هناك من بنى على أرض تمتلكها الدولة، لكن حاسبوا من ترك السارق ليسرق، والباني ليبني!
أعرف أن هناك من المقاولين من ارتفعت بناياتهم بتراخيص بناء، وتعاقدات مع الكهرباء، والمياه، والغاز، هي ثمرة علاقات آثمة تحت الطاولة، اسمها الرشوة، والمحسوبية، وهذا الرجل مهم!
حاسبوا موظفي المحليّات، وكل من ترك لهم الملاذ الآمن، وحمّلوهم استحقاقات الخيانة، وانزعوا عنهم كل ما تقاضوه من رشاوي ـ الذين تقاعدوا منهم، والذين ما يزالوا في غيهم يرتعون ـ، فخطاياهم لم تنته بعد. انها ما تزال مستمرة، ومازال هؤلاء المجرمون الحقيقيون أحياء، وفي حياتهم تحيا كل أنواع الخسة، والنذالة، والشر!
وليكن “يوم الحساب ليس يوماً، انه محكمة في انعقاد دائم”، على حد تعبير فرانز كافكا!