بقلم: سونيا الحداد
كل سنه نحتفل في عيد الميلاد بتجدد النور في قلوبنا وحياتنا. عيد يعيد لنا روح الطفولة البريئة التي تلهمنا على مدار السنة وتقوّي فينا القدرة على التسامح، المحبة والفرح العفوي الدائم. نور يغمرنا ساعة نعيش الوحدة، الألم، التشتت والضياع في بحر هذا العالم الغريب العجيب الذي يعمل دؤوبا على تشييد جميع أنواع الحدود القانونية، الدينية والعرقية التي تحجب النور وتدنسه.
عيد الميلاد هو العيد الذي يحتفل به كل قلب طاهر، بغض النظر عن جنسه أو دينه أو مرجعه، يسعى الى دفء هذا النور الذي يسمو به فكرا وروحا وجسدا. إنه المناسبة التي تسمح لنا بتذوق طعم البراءة الطفولية وكم نحن بحاجة اليوم لهذا الشعور وهذا الطعم. نور مجاني يحيط بالجميع ويستوعب الجميع لكنك تجد من هم عميان وسطه همهم تدنيس كل ما هو نبيل مرفّع.
في هذا العيد لا يهمني إن كانت والدة يسوع عذراء أم لا، احزن لمجزرة أطفال بيت لحم خوفا من طفل النور البريء من هذا الشر، لا يهمني أبدا إن كان هذا الطفل مثليا أم أتانا من عالم آخر، لا يهمني أبدا إن كان ابن الله، وما أدراكم بالله، أم الإنسان، له إخوة أم لا، قام من الموت أو شبه به وكل ما هناك من أقاويل واتهامات من قبل مرضاء الروح الذين لم يعرفوا يوما طعم المحبة ولا دفئها، عميان في بحرها. مرسال هذا النور وحده ومسار حياته هو الذي يهمني، هو الذي يلهمني وينقذني من نفسي أولا، هو الذي يمسك بيدي على طريق الحياة ساعة أقع، ساعة أحزن وأتألم سواء كنت وحيدة أم وسط الجموع، ينقذني من التجارب التي تواجهها روحي يوميا وفي كل لحظة، يفرح ويرقص معي ساعة الأحق الفراشات والطيور، يناديني صوته يذكرني بأنه معي ويحبني، يذكرني بأن لا أتخلى أبدا عن روحي الطفولية كي لا أفقد روحي الكونية.
نور لا يوصف بالكلمات ولا التطبيل والتزمير، وحدها أعمالنا وخاصة الصامتة منها، تدرك مرساله وأي مرسال بديع هذا الذي يجعل منك طفلا دائما! مرسال يوم تدركه يلاحقك مثل ظلك، يحدثك من خلال طفلك الداخلي ساعة تجلس معه وتسمع له. نور جارف لا يمسه دنس ولا تقوى عليه أبواب الجحيم. هذا هو النور الذي نراه في عيون الأطفال قبل أن يدركوا أحاديث السماء والجحيم وقواعدهما. مرسال هذا النور ليس بالسهل أبدا، وليس للمسيحي وحده أبدا، لكنك أن تدركه من خلال عيون الأطفال تستحق حينها لقب القداسة وهو لقب دنيوي فقط لكنه كوني مترفّع يستحق النور هالة له!
فلنحتفل بكل فرح بولادة الطفل يسوع نستلهم من نوره المحبة وكل ما هو جميل في هذه الحياة وليرتع البائسون في ظلامهم الى الأبد. أهلا بك حبيبي عمري وروحي… ومعلمي!