بقلم: رفا السعد
رغم تأثيرها الكبير في المجتمع وبنيته الاساسية ورغم اثبات نفسها في العديد من المحافل
ومنافستها للرجل في مختلف مجالات الحياة الا أن الاعتقاد السائد بان مكانها هو المنزل لايزال راسخا في عقول كثير من رجال الشرق الاوسط
فالمرأة العربية لا تزال تعاني الاضطهاد والتهميش
والتقاليد البالية تسيطر على عقول بعضهن ..خاصة فيما يتعلق بعملها في بعض المجالات التي يصفها البعض بأنها حكرا على الرجال فقط..
اخر الدراسات الاستقصائية وجدت أن واحدا من كل أربعة رجال في المنطقة العربية يؤيد المساواة بين الذكور والإناث في بعض المجالات، وأن الغالبية مازالت تعتقد أن دور المرأة الرئيسي هو المنزل…
الدراسة توصلت إلى أن حتى الشباب من الذكور الأصغر سنا يتبنون ايضا آراء محافظة تشابه تلك التي اعتقد وآمن بها آبائهم واجدادهم .
الدراسة التي اشرفت عليها الباحثة شيرين الفقي والمشرفة على المسح تذكر أن ثمة اعتقاد سائد عن المنطقة العربية بأنه مجتمع ذكوري ومن خلال الدراسة ثبت أنه السائد بصورة واضحة.
الدراسة الاستقصائية الدولية اجريت على الجنسين في كل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واظهرت أن غالبية الرجال، وبنسبة تصل إلى 90 في المئة في بعض المناطق، توقعوا مصادرة حريات زوجاتهم، بداية من الملبس وحتى عدد مرات ممارسة الجنس
مجتمع ذكور يحاصر المرأة ويضع العقبات في طريقها لتبقى جليسة المنزل ..هذه الدراسة جعلتني اتسائل ماذا لو اجري مسح يخص عمل المرأة في مجال الصحافة والاعلام فكم ستكون نسبة الرجال الذي يرفضون عملها في هذا المجال؟؟
أنا شخصيا سمعت كثيرا من زملائي الاعلاميين والصحفيين بأنهم لا يفضلون عمل المرأة في مجال الصحافة لانها بحسب وصفهم مهنة صعبة وتتطلب الجرأة والمغامرة والمجازفة لكن مع هذا تحاول المرأة تخطي الصعاب وكسر الحواجز لتأخذ مكانها في السلطة الرابعة وتقف بوجه من يقول هذه السلطة للرجال.. تسعى جاهدة لتثبت للمجتمع انها قادرة، فذهبت لتغطية المعارك في ساحات القتال واخرى رافقت رحلة اللاجئين التي شاهدها العالم برا وبحرا في قوارب الموت، ومنهن من وصلت إلى القارة القطبية الجنوبية «انتاركتيكا» وهناك الكثير من القصص التي وصلت اليها وتحدثت عنها بجرأة..
طبعا لم يكن من السهل أن تصل إلى هذا المستوى فالمضايقات كثيرة والحواجز التي يجب أن تجتازها أكبر وكأنها تقدم على فعل من المحرمات..لكن مع هذا وصلت وواصلت.
دعوني استذكر المرأة العراقية.. فالعراق بلد غير مستقر أمنيا وحاليا تسيطر عليه الميليشيات المسلحة فطبعا ممارسة مهنة الصحافة فيه تكون اصعب من أي بلد اخر لكنها مع هذا لم تقف مكتوفة الايدي ورغم ما تتعرض له من قتل وخطف وعنف وانتهاك الا ان هناك الكثيرات لم يتراجعن.
منتدى الاعلاميات العراقيات نشر احصائية عن الانتهاكات التي طالت الصحفيات والاعلاميات والتضييق والعنف اللذان تعرضن لهما في الفترة بين مايو ٢٠١٦ ولغاية الاول من مايو ٢٠١٧ ..
فقد سجل المنتدى مقتل واصابة وتهديد وتعنيف 11 امرأة اعلامية خلال عامٍ واحدٍ فقط ويشير المنتدى إلى أن هناك بعض الصحفيات اللواتي تعرضن لانتهاكات رفضن الاعلان والافصاح عنها بسبب عادات وتقاليد المجتمع ولاسيما ما يتعلق بحالات التحرش والابتزاز..
ساذكر بعض حالات الانتهاك فقد تعرضت الصحفية نور العلي إلى الاعتداء من موظفين في استعلامات مستشفى محافظة الديوانية بسبب تغطيتها لمظاهرة، كان هذا الاعتداء في يوليو 2016 .
اختطاف الصحفية افراح شوقي من منزلها وسط العاصمة بغداد بسبب انتقادها الجماعات المسلحة والميليشيات وكنت كتبت مقالا عنها في تلك الفترة
وكانت في ديسمبر ٢٠١٦ والافراج عنها بعد أسبوع من اختطافها وحتى الان لم تعلن الحكومة عن الجهة التي خطفتها ..
تعرض مذيعة في شبكة الاعلام العراقي لحملة تشهير وإساءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي..ايضا الحكومة لم تتخذ اي اجراء بحق من شهَّر واساء!!!
في فبراير الماضي ودعت الاعلامية (شيفا كردي) الحياة في انفجار عبوة ناسفة في الموصل..كانت صحفية شجاعة تحدت الظروف وذهبت لتغطية المعركة وضحَّت بحياتها.
في مارس الماضي قتلت الصحفية (ريهام عماد سليمان المحلاوي)، في منزلها بمنطقة الاعظمية وسط العاصمة بغداد في ظروف غامضة.. وغيرها وغيرها.
لطالما طالب المنتدى ومنظمات المجتمع المدني الحكومة العراقية بتوفير بيئة امنة للصحفيين وبالذات النساء الصحفيات والحد من الانتهكات التي يتعرضن لها ..لكن دون جدوى فالضوء لا يزال في نهاية النفق نراه من بعيد ولن يصل إلينا بعد ..ليست المرأة العراقية وحدها من تتعرض للتهميش والانتهاك بل اغلب النساء العربيات فهن يعانين من النظرة البالية والدليل نحن في الالفية الثالثة والدرسات تشير إلى أن واحد من كل اربعة رجال يؤيد المساواة مع المرأة.