بقلم: يوسف زمكحل
بعد ما اصدرت محكمة جنايات القاهرة على الرئيس الأسبق المعزول محمد مرسي حكماً بالسجن المشدد لمدة 20 عاماً في القضية المعروفة إعلامياً بأحداث الأنحادية قامت الدنيا ولم تقعد طبعاً من حلفاء الإخوان السابقين والحاليين وعلى رأسهم أمريكا ورئيسها أوباما فبعد صدور الحكم قالت ماري هارف المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية : ( أن واشنطن قلقة لهذه الأحكام وأنها ستقوم بدراسة الأسس التي أستند إليها قرار المحكمة التي حكمت بالسجن 20 عاماً ) وكأن أمريكا كانت تنتظر حكم بالبراءة على مرسي لعدم ثبوت الأدلة .!
نصبت أمريكا نفسها ولياً للأمر حتى على أحكام القضاء التي لا تجرؤ على الاقتراب من أحكامه عندها وهي دائماً تقف متأهبة على قمة الأستعداد لأي قرار يخرج من مصر ليس على هواها لتعلن عن قلقها!
وهي تبيح لنفسها ما لا تبيحه لأي دولة تتخذ قرارات لا تخدم مصالحها فهي أباحت لنفسها الحكم بإعدام الرئيس صدام حسين فجر يوم عيد الأضحي في عام 2006 غير مبالية تماماً بمشاعر المسلمين وفعلت فعلتها بطريقة أخرى في ليبيا بقتل الرئيس القذافي بطريقة بشعة ثم قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وكانت ممكن أن تلقي القبض عليه حياً ولكنها آثرت أن تقتله بل وتلقي بجثته في البحر فهي الآمر الناهي ولا حول ولا قوة إلا بالله .!
وأمريكا تشتاط غضباً من مصر رئيساً وشعباً بعد أن اضاعا عليها حلمها وحلم أبنتها المدللة إسرائيل بعد أن أتفقا سوياً على تفتيت أقوى جيوش المنطقة وهي جيوش العراق وسوريا ومصر وكانت تعتمد في تنفيذ مخططها هذا على عصابة الإخوان المسلمين فمدتهم بالأموال والسلاح وعقدت معهم إجتماعات سرية منذ نشاة الجماعة عام 1948 وكانوا يعدوهم حتى يأتي اليوم والفرصة والدفع بهم كما حدث بعد ثورة 25 يناير عندما أعطت أمريكا الضوء الأخضر للإخوان فأنقضوا على الرئيس الأسبق مبارك الذي كان رحيماً بهم ولكنها لأنها جماعة لا أمان لها تحولوا لوحوش تريد أن تفتك به وبنظامه من أجل أن تعتلي السلطة ودفعت مصر شعباً وبلداً الثمن من معاناة وبلطجة وأعمال عنف وتأخر إقتصاد ومظاهرات أطلقوا عليها لقب مليونيات حتى وصلوا لمرادهم وأصبح رئيس مصر إخوانياً فكانت بداية لمسرحية هزلية أمتدت لمدة عام ضحكنا فيها كثيراً وبكينا فيها أكثر ونحن نرى مصر في مهب الريح بعد أن فقدت خيرة من شباب جيشها وشرطتها وأصبحت سيناء مرتعاً للإرهابيين ومن حدث إلي حدث حتى أصدر مرسي إعلاناً دستورياً يعطي فيه لنفسه صلاحيات كبيرة في توقيت أن دل على شيئ أنما يدل على غباء سياسي أرادت به جماعة الأهل والعشيرة أن تسرق مصر فثار شعب مصر الأبي وكانت ثورة 30 يونيو التي بددت وأفسدت كل الخطط التي رسُمِت لهدم هذا البلد العظيم مصر .
فرضت مصر والمصريين على أمريكا كأساً مُراً كان لابد من أن تشربه وأجبرها الواقع الجديد أن ترضخ له حتى وأن كان بالنسبة لها هو في الحقيقة واقعاً مؤلماً جعلها فعلاً تقف أمامه عاجزة وكأنها أصابها الشلل !
وأخيراً أولى بأمريكا أن تحل مشاكلها الداخلية فكل يوم نسمع عن مواطن أسود يموت على يد ضابط أبيض متعصب فأحداث مدينة بالتيمور الأمريكية الآخيرة وما جاء بها من أحداث فوضي وأعمال شغب وحرق ونهب أذهلت أول ما أذهلت الأمريكيين أنفسهم ، فأمريكا التي تريد أن تعطينا درساً في الديمقراطية هي الأحوج أن تعرف أولاً ما هي الديمقراطية وأن تعرف أصول المواطنة في بلدٍ يُوصف بأنه القوى الأولى في العالم وهي في الحقيقة تبدو هشة جداً من داخلها . !