بقلم : سناء سراج
التدخين تلك الآفة التي تهدد المجتمع والبيئة والإنسان وتنشر التلوث وتُخلف الأمراض ومن ثَم تُكفل الدولة مبالغ باهظة للعلاج من أمراض الصدر والحساسية والقلب والشرايين إلى آخره والغريب أن هذا المواطن المدخن الذي ينفق الأموال والتي ربما أسرته وأبنائه وصحته في أشد الاحتياج لها، الإنسان يعمل ويجتهد ليجني الأموال ويستمتع بها لا أن يشترى بها السم والمرض والأدهى يوزع على باقي البشر والشجر والنبات والطبيعة ويحمل فوق السم، المرض، والملوثات.
أيضا لأن أسوء شئ التدخين السلبي، والمأساة أن هذا المواطن يدفع ثمن الدخان المبعثر في الهواء مرتين المرة الأولى عندما يسدد ما عليه من ضرائب للدولة التي تقوم بدورها في توفير الخدمات لهذا المواطن ومن أهمها المستشفيات والعلاج والأطباء وغيره والمرة الثانية عندما يمرض وتتدهور صحته وينفق الأموال على العلاج وإجراء العمليات وبالتالي يؤثر على أسرته التي لها الحق في الاستفادة بهذه الأموال المهدرة مرتين، مرة في شراء السجائر أو المواد المخدرة والمرة الثانية في شراء العلاج لتدهور صحته وعدم قيامه بدوره الكامل في المجتمع.
وهنا نأتي إلى الإنسان السوي الذي لا يدخن وحقه في الاستمتاع بحياة نقية نظيفة وصحة جيدة، من حق المواطن الغير مدخن أن يستنشق الهواء النقي غير المشبع بالتبغ والملوث بالأمراض الصدرية وانتقال العدوى من صدر وفم المدخن عن طريق التدخين السلبي، ألا يكفينا الملوثات المتعددة والتي أصبحت كابوس يؤرقنا، عوادم السيارات وأكوام القمامة التي أصبحت من معالم وثوابت شوارعنا ورائحتها الكريهة التي تسد الأنوف .
وبتنا نعتاد على هذا المنظر القبيح كفانا ما نعانيه منذ سنوات من قبح المنظر وغياب المنظر الجمالي والحسي، كفانا كراكيب ومهملات فوق أسطح المنازل والبلكونات والمناور، كفانا من تكدس أشياء لا نحتاج إلى نصفها و قاطنة في منازلنا و تؤرقنا.
لدى بعضنا ثقافة غريبة وهي اقتناء أي شئ نافع أو غير نافع ضار أو غير ضار، كفانا استهلاك فلنتعلم كيف ننتج، نصنع، نستثمر.
بيد كل منا الاستفادة من أشياء كثيرة مهملة تملأ منازلنا وشوارعنا، والأهم هو نفوسنا فلنبدأ بتنقية الذات، وتصفية شوائب العقل، إزاحة الهموم واليأس من قلوبنا ثم نبدأ بمنازلنا ذلك الملجأ والملاذ الذي نأوي إليه للراحة والاسترخاء..
جملوا أنفسكم من الداخل جملوا بيوتكم نظفوا شوارعكم وأحياءكم، ازرعوا أشجار ونخيل، اغرسوا بذور الفاكهة والخضروات لتنفعوا أنفسكم وغيركم، تخلوا عن العادات الضارة َالسيئة اقلعوا عن التدخين.
إذا كان من حقك أن تدخن التبغ بأنواعه فمن حقي أن استنشق هواء نقي ونظيف بدلا من الاختناق الدائم الذي يشعر به غير المدخنين، وكم أتمنى أن تتبنى الدولة مبادرة منع التدخين في المدارس والجامعات ربما يكون هناك قوانين تمنع ذلك ولكنها على أرض الواقع لا تنفذ.
فمن ازدواجية المعايير أن تعلم وتدرس لطالب في مدرسة ثانوي أو جامعة عن أضرار التدخين والمصائب والكوارث التي يُخلفها من تلوث للبيئة والطبيعة والصحة واستنزاف للموارد واُسدي له النصيحة كمعلم وأنا أدخن، كناظر أو مدرس أو إداري أو دكتور جامعي، اعمل في تلك المدرسة أو الجامعة، أو طبيب تذهب إليه ويسدي لك النصيحة بأن تبتعد وتقلع عن التدخين وغرفته معبأة بدخان السجائر (( حدث بالفعل كثيرا)) فكيف يثق ذلك الطالب أو المريض في كلامي كيف اُربيه وأعلمه مبادئ أنا لا أؤمن بها ولا أنفذها، ثم يذهب للبيت يجد ابيه يدخن أو أخيه الكبير وإذا رأوه يضع القلم في فمه وكأنه سيجارة يتم نهره واتهامه بالجنون وعدم التربية (( انت اتجننت عاوز تشرب سجاير )) وربما يردد الأب هذه الكلمات وفي يده سيجارة مشتعلة.
ونأتي لترسيخ وتوثيق تلك الآفة السيئة والضارة في أفلام السينما والمسلسلات وأغلب الأعمال الفنية التي لا يخلو سيناريو من تدخين السجائر أو المخدرات بأنواعها المختلفة وشرح تفصيلي لكيفية تناولها بكل الطرق سواء تدخين أو شم أو حقن أو شيشة ((وحبس أنفاس وقرقره)) التي أصبحت منتشرة بصورة فجة بين البنات والسيدات أكثر من الرجال، ومن أسوأ ما تتضمنه الدراما الفنية أنها تُدرس للناس كيف تخطط لارتكاب جريمة َوتنفذها بحرفية، كيف تخون، كيف تكون فاسد ومنحرف مهاري و احترافي..
رسالة للدولة والحكومة والوزراء والمسئولين عن الاستثمار والصناعة في الدولة أتمنى أن تُطرح فكرة حتى لو كانت الأولى في العالم أو حتى لو كانت خيالية وتحقيقها مستحيل، وهي لماذا لا نغير نشاط صناعة السجائر ونستبدلها بصناعة أخرى نافعة وغير مضرة ولا أقول نغلق المصانع لكثرة العمالة بها بل نغير النشاط فقط..
أوقفوا استيراد السجائر والخمور وحاربوا بشراسة جالبي المخدرات دمروا منابعها..
وأخيرا أنا كإنسانة لا أدخن أطالب بتشريع أو قانون يحفظ حقي في الحياة وفي استنشاق هواء نقي..